الاقتصاد

مداهمة مصنع هيونداي-إل جي في جورجيا: أزمة هجرة أم رسالة سياسية؟

أحدثت المداهمة التي نفذتها سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) على مصنع بطاريات السيارات الكهربائية التابع لشركة هيونداي-إل جي في بلدة إيلا بيل بولاية جورجيا، زلزالًا في أوساط مجتمع الأعمال الدولي. فاعتقال نحو 475 عاملًا معظمهم من الكوريين الجنوبيين لم يكن مجرد إجراء قانوني روتيني، بل شكل بداية مرحلة جديدة من التشدد الأمريكي في ملف الهجرة داخل بيئة الأعمال. صور العمال وهم مقيدون بالأصفاد في الأيدي والأرجل أثارت صدمة في كوريا الجنوبية، وامتدت أصداؤها إلى اليابان وتايوان، لتثير المخاوف من تأثير مباشر على الاستثمارات الأجنبية الضخمة في الولايات المتحدة. في الوقت الذي اعتبرته إدارة ترامب جزءًا من حملتها لتعزيز التصنيع الداخلي وحماية العمالة الأمريكية، يرى خبراء وقانونيون أن العملية حملت رسائل سياسية بقدر ما كانت تعبيرًا عن تطبيق القانون.

خلفية المداهمة وأسبابها

العملية التي جرت في 4 سبتمبر استهدفت مصنعًا قيد الإنشاء تابعًا لتحالف هيونداي-إل جي لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية. التحقيقات أشارت إلى أن عددًا كبيرًا من العمال استخدموا تأشيرات زائر مخصصة للأعمال والاجتماعات (B-1) بطريقة غير مشروعة، أو استفادوا من برامج الإعفاء من التأشيرات، للعمل في مهام تركيب المعدات وتشغيل المصنع.

مشاهد مثيرة للجدل

المقاطع المصورة التي نشرتها وكالة ICE أظهرت مئات العمال وهم مقيدون من الأيدي والأرجل، في مشهد اعتبره مراقبون “إذلالًا جماعيًا” لقوة عاملة أجنبية، وهو ما أثار موجة انتقادات في الإعلام الآسيوي. الصور سرعان ما تحولت إلى مادة سياسية حساسة في العلاقات بين واشنطن وسول.

ارتباك الشركات الأجنبية

شركات عالمية متعددة الجنسيات سارعت إلى طلب استشارات قانونية لتقييم وضعها القانوني، وبعضها جمّد خطط السفر للولايات المتحدة. محامو هجرة أمريكيون أكدوا أن “الهواتف لم تتوقف عن الرنين” من شركات قلقة بشأن تعرض موظفيها الأجانب لمصير مشابه.

ثغرات في نظام التأشيرات

الجدل القانوني يتركز حول تأشيرات B-1، التي تسمح بحضور اجتماعات تجارية ولكنها لا تمنح الحق في العمل المباشر. بعض المحامين اعتبروا أن ICE بالغت في تفسير القوانين، بينما أكد آخرون أن بعض الشركات تتعمد استغلال هذه الثغرات لتوفير عمالة متخصصة من الخارج.

ردود الفعل الدولية

في كوريا الجنوبية، تحولت القضية إلى شأن وطني أثار مخاوف من استهداف متعمد لعمالتها. أما في تايوان واليابان، فقد أُثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت المداهمة مؤشرًا على بيئة استثمارية أقل استقرارًا في عهد ترامب، وسط استثمارات آسيوية ضخمة خصوصًا في صناعة الرقائق والبطاريات.

الموقف الرسمي الأمريكي

إدارة ترامب دافعت عن العملية باعتبارها جزءًا من سياسة صارمة تهدف إلى حماية الأجور وفرص العمل الأمريكية. وزير الأمن الداخلي كريستي نوم طمأن المستثمرين بأن الولايات المتحدة ما زالت ترحب بالاستثمارات الأجنبية، لكنها أوضحت أن “قواعد اللعبة يجب أن تكون واضحة للجميع”.

تأثيرات محتملة على الاستثمارات

رغم أن بعض الشركات مثل TSMC التايوانية اعتبرت المداهمة “حالة خاصة”، فإن خبراء أشاروا إلى أن القطاعات الأكثر عرضة للرقابة الصارمة ستكون تلك التي تعتمد على خبرات آسيوية متقدمة، مثل أشباه الموصلات وبناء السفن وصناعة البطاريات. أي اضطراب في هذه الاستثمارات قد ينعكس على خطط واشنطن لتعزيز التصنيع المحلي ومواجهة التحدي الصيني

ما بين القانون والسياسة

بينما تبرر واشنطن الخطوة بقوانين الهجرة، يرى محللون أن العملية تحمل أيضًا رسالة سياسية موجهة لحلفاء آسيويين بأن الولايات المتحدة لن تتهاون في “التلاعب بالقوانين”، حتى وإن جاء ذلك على حساب شركاء اقتصاديين كبار. هذا التوجه قد يزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين الأجانب، ويضع واشنطن أمام معادلة صعبة بين حماية أمنها الداخلي والحفاظ على جاذبيتها الاستثمارية.

اقرأ أيضاً:

تفوق روسي ميداني يضغط على الجبهة الشرقية في أوكرانيا

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى