في خطوة جديدة تؤكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الحلفاء الأوروبيين في مواجهة التهديدات الروسية المتزايدة، بدأ الجيش الأمريكي نشر أكثر من 100 مركبة قتال مدرعة من طراز M2A3 برادلي في بولندا. تأتي هذه العملية ضمن برنامج الانتشار الدوري للقوات الأمريكية في أوروبا، حيث يشارك فيها جنود من لواء القتال الثالث – الفرقة الأولى فرسان.
النشر يعكس أهمية مخازن الجيش الأمريكي المسبقة التموضع في ألمانيا، والتي أثبتت فعاليتها كـ”بنك قوة” جاهز للاستخدام الفوري عند الحاجة، ما يقلل من الوقت والتكلفة مقارنة بنقل المعدات من الولايات المتحدة. وفي ظل التوتر المستمر على حدود الناتو الشرقية، يمثل هذا التعزيز رسالة واضحة لموسكو بأن قدرات الردع في أوروبا جاهزة للعمل الفوري.
تحضير طويل وتنسيق معقد
المركبات جرى سحبها من مخازن الجيش في مانهايم، كايزرسلاوترن، وفيلسيك بألمانيا، بعد أشهر من أعمال الصيانة والتجهيز نفذتها وحدات الدعم اللوجستي بقيادة اللواء 405 للدعم الميداني ومركز الدعم اللوجستي الأوروبي. وقد تطلبت العملية جهدًا ضخمًا من العسكريين والمدنيين والمتعاقدين، الذين عملوا على فحص الأنظمة وإصلاح الأعطال لضمان جاهزية المركبات بنسبة كاملة.
شهادة ميدانية على مستوى الجاهزية
وفقًا لشهادات الجنود والفنيين، فإن حالة مركبات برادلي التي وصلت إلى بولندا تعد “الأفضل منذ سنوات”. أحد الفنيين صرح بأن هذه هي المرة الأولى خلال عشر سنوات من خدمته يرى فيها البرادلي بمستوى صيانة وجاهزية بهذا الشكل، ما يعكس حجم الاستثمار في تأهيل المعدات.
قدرات برادلي.. قوة نيران وحماية
تتميز M2A3 برادلي بقدرتها على نقل الجنود وتوفير دعم ناري فعال، حيث تُسلح بمدفع بوشماستر 25 ملم، وقاذف صواريخ TOW المضاد للدروع، ومدفع رشاش عيار 7.62 ملم. كما أن أنظمتها البصرية والاتصالية تمنحها وعيًا ميدانيًا متقدمًا، يتيح دمجها بسلاسة ضمن العمليات المشتركة للناتو.
نموذج الانتشار الدوري وتقليل الأعباء
يُظهر هذا النشر أهمية نموذج الانتشار الدوري الذي يقلل من الحاجة لنقل الدبابات والمركبات المدرعة عبر الأطلسي، ما يوفر الوقت ويجنب المعدات الأمريكية أعباء النقل الطويل. بدلاً من ذلك، يتم تسليم الوحدات الأمريكية معدات جاهزة من المخازن الأوروبية، ثم تعاد إليها بعد انتهاء المهمة لإعادة صيانتها وتجهيزها للاستخدام المقبل.
تعاون مع الحلفاء وتعزيز الردع
بوجود هذه المدرعات في بولندا، باتت القوات الأمريكية قادرة على المشاركة فورًا في تدريبات ومهام مشتركة مع القوات البولندية ووحدات الناتو الأخرى. هذا الوجود يعزز من قدرة الحلف على الردع السريع، خاصة في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا وتصاعد المخاوف من تمدد النفوذ الروسي.
دعم لوجستي محوري
النجاح في هذه العملية يُعزى بالأساس إلى كفاءة منظومة الدعم اللوجستي الأمريكية في أوروبا، حيث يُعد موقع كولمان APS-2 في مانهايم جزءًا من شبكة تضم ستة مواقع في القارة، توصف بأنها توفر “حزم جاهزية فورية للقوة”.
دلالة استراتيجية
إن نشر البرادلي في بولندا ليس مجرد عملية إمداد عسكرية، بل يعكس التزامًا استراتيجيًا أمريكيًا طويل الأمد تجاه أمن أوروبا الشرقية. فالرسالة واضحة: الناتو يمتلك القدرة على التحرك بسرعة، والولايات المتحدة مستعدة لتسخير كل مواردها العسكرية للحفاظ على التوازن والردع في مواجهة أي تهديد.
اقرأ أيضاً:
تفوق روسي ميداني يضغط على الجبهة الشرقية في أوكرانيا
