الوكالات

بعد الضربات الإيرانية.. الولايات المتحدة تطور قنابل خارقة للتحصينات من جيل جديد

في تطور لافت للصراع العسكري والتكنولوجي، سارعت الولايات المتحدة إلى تسريع تطوير قنابل خارقة للتحصينات من جيل جديد، وذلك عقب استخدامها لأول مرة للقنبلة العملاقة GBU-57 “ماسيڤ أوردنانس پينيتراتر” (MOP) ضد منشآت نووية إيرانية في يونيو 2025. فقد حلّقت قاذفات الشبح الأمريكية B-2 فوق الأراضي الإيرانية وأطلقت 14 قنبلة على موقعي “فوردو” و”نطنز”، مسببةً دماراً هائلاً في البنية التحتية تحت الأرض. ورغم قوة هذه الضربة، فإنها لم توقف البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، ما دفع واشنطن إلى البحث عن تطوير بديل أكثر فاعلية، وهو مشروع القنبلة الجديدة “نيكست جينيريشن پينيتراتر” (NGP)، التي يُنتظر أن تشكّل نقلة نوعية في مواجهة التهديدات الاستراتيجية المستقبلية.

 

ظهور بديل للـMOP بعد أول استخدام قتالي

 

أظهرت الضربات الأمريكية على إيران قوة الـMOP، القادرة على اختراق 60 متراً قبل الانفجار. ورغم هذه القدرات، شرعت القوات الجوية الأمريكية سريعاً في تطوير بديلها المباشر، تحت اسم Next-Generation Penetrator (NGP). وقد أبرمت قيادة الذخائر التابعة لسلاح الجو عقداً مع شركة Applied Research Associates (ARA) لتصميم النماذج الأولية وتطوير الذخيرة الجديدة، مع إجراء اختبارات على نسخ صغيرة وكاملة الحجم. الهدف الأساسي هو مواجهة التحصينات شديدة العمق التي تهدد الأمن القومي الأمريكي.

 

تعاون صناعي يقوده ARA وبوينغ

 

ستتولى شركة ARA مهمة التصميم، بينما تعمل بالتنسيق مع شركة بوينغ، المصنّع الرئيسي للقنبلة GBU-57. ستركز بوينغ على تطوير ذيل القنبلة الجديدة لتوفير قدرة عالية على المناورة والدقة. ومن المقرر أن تحمل قاذفات B-2 “سبيريت” القنابل الجديدة، إلى جانب القاذفة الحديثة B-21 “رايدر”، رغم أن الأخيرة ستكون محدودة بحمل قنبلة واحدة فقط. ويهدف المشروع إلى تعزيز مرونة سلاح الجو الأمريكي في استهداف منشآت عميقة، من مفاعلات نووية إلى مراكز قيادة تحت الأرض.

ARA وبوينغ تطوران قنبلة جديدة لقاذفات B-2 وB-21 لضرب التحصينات

آثار ضربات يونيو 2025 على المنشآت الإيرانية

 

بعد الضربات الجوية، كشفت صور الأقمار الصناعية عن ستة فوهات ضخمة ورواسب رمادية غطّت جانب الجبل، في دليل على شدة الانفجارات. واعتبر الخبراء أن القنابل دمّرت غرفاً تحت الأرض وألحقت أضراراً جسيمة بأجهزة الطرد المركزي الإيرانية الحساسة. ورغم هذه النتائج، فإن الهجوم لم يقضِ نهائياً على البرنامج النووي الإيراني، ما أكد الحاجة إلى تطوير قنابل أكثر تطوراً للتعامل مع مثل هذه المنشآت المحصّنة بعمق.

 

خلفية عن الـGBU-57 MOP

 

دخلت قنبلة GBU-57 الخدمة عام 2011، ضمن برنامج “Big BLU” الذي بدأ عام 2002 بعد حرب العراق، عندما اكتشف الجيش الأمريكي ضعف ترسانته ضد الأهداف العميقة. تزن القنبلة 13.6 طن، وتحتوي على رأس حربي يزن قرابة 2.5 طن فقط، أي نحو 20% من كتلتها. تستخدم نظام توجيه مزدوجاً يجمع بين الـGPS والملاحة بالقصور الذاتي، بينما الإصدارات الحديثة تعتمد على صاعق متطور يحدد الفراغات الهيكلية قبل التفجير لتعظيم الأثر الداخلي.

 

مميزات القنبلة الجديدة NGP

 

على عكس الـMOP الثقيلة، يركز مشروع NGP على تصميم أخف وأكثر قابلية للتكيّف مع أنواع متعددة من الطائرات، بما فيها B-21 الصغيرة نسبياً. وستُطوَّر لتدمير أهداف مثل المختبرات النووية، الأنفاق، والملاجئ المحصّنة بشدة. ووفقاً لمتطلبات سلاح الجو، يجب أن تحقق القنبلة دقة تصل إلى 2.2 متر حتى في بيئات معطّلة GPS. كما يُتوقع أن تدمج تقنيات دفع إضافي تسمح بإطلاقها من مسافات بعيدة، لتقليل المخاطر على الطائرات.

 

ميزانيات وتخطيط طويل الأمد

 

خصصت وزارة الدفاع الأمريكية أكثر من 100 مليون دولار لتطوير القنبلة في ميزانية 2026، على أن يمتد العمل حتى عام 2027. وتعود جذور المشروع إلى دراسات بدأت منذ 2012، أكدت ضرورة تحديث الذخائر القادرة على ضرب أهداف تحت الأرض. وتُظهر هذه الاستثمارات التزام واشنطن بالحفاظ على تفوقها العسكري ضد خصوم مثل إيران، كوريا الشمالية، الصين وروسيا، الذين يزداد اعتمادهم على منشآت محصّنة لحماية قدراتهم الاستراتيجية.

اقرأ أيضاً

الجيش التشيكي يقتني مركبات Jackal 3 لتعزيز قدراته الخاصة

خطوة نحو التفوق العسكري

 

يمثل مشروع NGP خطوة حاسمة في تطوير قدرات الولايات المتحدة على مواجهة التهديدات المستقبلية. فمن خلال تصميم أخف، دقة أعلى، وإمكانية استخدام من منصات متعددة، ستكون القنبلة الجديدة قادرة على تدمير تحصينات أعمق وأكثر تعقيداً من أي وقت مضى. وبذلك، تضمن واشنطن الحفاظ على تفوقها في سباق “صيد الملاجئ” ضد خصومها المحتملين حول العالم.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى