الهجوم الإسرائيلي على قطر.. أزمة جديدة لمصداقية ترامب

أثار الهجوم الإسرائيلي على قادة من حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة موجة من التداعيات السياسية والدبلوماسية المعقدة، تجاوزت حدود المنطقة لتصل إلى قلب السياسة الأمريكية. فبينما قتل خمسة من عناصر الحركة، فشل الهجوم في استهداف قياداتها العليا الذين كانوا يشاركون في مفاوضات حول خطة أمريكية لوقف إطلاق النار في غزة.
هذا التطور شكّل صدمة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أكد أنه لم يكن صاحب القرار في الضربة، مسارعًا إلى طمأنة الدوحة. لكن المعضلة تكمن في أن الغارة، بحسب “سي إن إن”، كشفت عن مدى هشاشة مصداقية ترامب الدولية، وأظهرت تعارض أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع المصالح الحيوية للولايات المتحدة.
غارة محرجة لواشنطن
وصف ترامب الغارة بأنها “وضع سيئ”، مؤكداً أنها لم تتم بموافقته، لكنه لم ينجُ من تداعياتها. فقد اعتبرتها وسائل إعلام أمريكية إحراجًا جديدًا له، خصوصًا بعد فشله في إنهاء الحربين في غزة وأوكرانيا كما وعد. فالعملية، التي انتهكت سيادة دولة حليفة تستضيف أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، أضعفت صورة ترامب كقائد قوي ووسيط محايد، ما جعل موقفه أمام الرأي العام العالمي أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
نتنياهو فوق أولويات واشنطن
أشارت “سي إن إن” إلى أن نتنياهو وضع أولوياته السياسية والأمنية فوق المصالح الأمريكية، حتى بعد سنوات من الدعم الأمريكي لإسرائيل في مواجهة إيران. لقاء مستشار نتنياهو مع مبعوث ترامب قبل يوم من الهجوم، دون الكشف عن العملية، زاد من حدة الغضب داخل البيت الأبيض. هذا الموقف أوضح أن إسرائيل لا تعير اهتمامًا كبيرًا لمصالح الأمن القومي الأمريكي، بل تركّز على هدفها المتمثل في القضاء التام على حماس، وهو هدف يرى الخبراء أنه شبه مستحيل.
تهديد جهود السلام
أكد السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، إدوارد جيرجيان، أن الهجوم جاء في لحظة حساسة من مفاوضات وقف إطلاق النار، مما يهدد بتقويض أي أمل في تسوية سلمية. ورأت “سي إن إن” أن الضربة ستعزز قناعة نتنياهو بضرورة مواصلة الحرب بدلاً من إطلاق سراح المحتجزين أو التوصل لاتفاق. كما أنها قد تدفع قطر، التي لعبت دورًا محوريًا في الوساطة، إلى الانسحاب من محادثات السلام، معتبرةً الهجوم خيانة من حليفها الأكبر، الولايات المتحدة.
عواقب ممتدة لترامب
التداعيات لا تقتصر على الدبلوماسية فقط، بل تمتد إلى الطموحات السياسية والشخصية لترامب في المنطقة. فالضربة أفسدت علاقته مع قطر التي منحته ترحيبًا حارًا خلال ولايته الثانية، وقلّصت من فرصه في توسيع “اتفاقيات إبراهيم”، التي كان يعوّل عليها لتعزيز إرثه السياسي وربما الحصول على جائزة نوبل للسلام. ووفق تصريحات قادة عسكريين أمريكيين سابقين، فإن تكلفة هذا الهجوم لن تكون باهظة على ترامب وحده، بل قد تطال إسرائيل نفسها على المدى البعيد.
اقرأ أيضاً
سباق تحت الماء.. غواصات الصين تشعل منافسة جديدة مع أمريكا
توازنات مهددة
الهجوم الإسرائيلي على الدوحة لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل محطة فارقة في اختبار العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، وجرس إنذار لمصداقية الدور الأمريكي في الشرق الأوسط. فبينما يصر ترامب على تقديم نفسه كصانع سلام، جاءت الغارة لتكشف حدود قدرته على ضبط حلفائه. ومع تصاعد التوترات، تبدو المعادلة أكثر تعقيدًا: إسرائيل ماضية في مسارها العسكري، فيما تتراجع فرص واشنطن في لعب دور الوسيط الموثوق، مما ينذر بمرحلة جديدة من انعدام الثقة في المنطقة.