“صندوق النقد: مصر أحرزت تقدمًا اقتصاديًا لكنها مطالبة بتسريع الإصلاحات وتقليص دور الدولة”

قالت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، إن مصر تُحرز تقدمًا في تنفيذ برنامجها الاقتصادي الكلي، لكنها بحاجة إلى تعميق الإصلاحات، وبخاصة ما يتعلق بتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي.
جاء ذلك خلال إفادة صحفية دورية عقدها الصندوق، الخميس، أكدت فيها كوزاك على أهمية المضي قدمًا في الإصلاحات الهيكلية، واصفة هذه الخطوة بأنها “ضرورية لتحقيق أهداف البرنامج” المتفق عليه مع الحكومة المصرية
دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لمنح مصر مزيداً من الوقت
أعلنت كوزاك أن الصندوق قرر دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج الدعم المالي المخصص لمصر، والذي تبلغ قيمته 8 مليارات دولار، وذلك خلال خريف العام الجاري.
ويهدف هذا الدمج، حسب ما أوضحته، إلى إتاحة مزيد من الوقت للسلطات المصرية لاستكمال الإصلاحات المطلوبة، خصوصًا في الملفات ذات الأهمية الكبرى مثل الحوكمة، وتحسين بيئة الأعمال، وتقليص هيمنة الدولة على القطاعات الاقتصادية.
مصادر: تأخر في الإصلاحات يؤجل صرف دفعة جديدة
في وقت سابق من هذا الأسبوع”، ثلاثة مصادر مطلعة أن صندوق النقد قد يؤجل صرف دفعة جديدة من القرض لمدة تصل إلى ستة أشهر بسبب ما وصفوه بـ”البطء في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية”.
وأكدت المصادر أن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لا يأتي فقط كخطوة تنظيمية، بل يعكس أيضًا عدم تحقيق التقدم المتوقع في ملفات الإصلاح، والتي كانت محورًا أساسيًا في الاتفاق الموقّع بين الطرفين العام الماضي.
تقليص ملكية الدولة… تحدٍّ حاسم
واحدة من النقاط الرئيسية التي ركّز عليها صندوق النقد، كما ورد في تصريحات كوزاك، هي ضرورة تقليص ملكية الدولة في الاقتصاد، وفتح المجال بشكل أوسع أمام القطاع الخاص، ما يُعد أحد المطالب الأساسية للصندوق في جميع برامجه الإصلاحية حول العالم.
ويُنظر إلى هذا الملف في مصر على أنه تحدٍّ كبير، نظرًا لتوسع ملكية المؤسسات الحكومية والعسكرية في قطاعات حيوية، ما يتطلب إعادة هيكلة منظومة الملكية والنشاط الاقتصادي لإفساح المجال للمنافسة والابتكار والاستثمار الأجنبي والمحلي
إصلاحات هيكلية… والتزامات دولية
برنامج الصندوق مع مصر، والموقع في ديسمبر 2022، يتضمن شروطًا تتعلق بالإصلاحات الضريبية، تحرير سعر الصرف، تحسين الشفافية المالية، وتحقيق الاستدامة في المالية العامة. كما يشمل التزامات بزيادة الصادرات، وتحقيق التوازن في الميزان التجاري، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر تضررًا.
لكن، بحسب تقارير دولية ومحلية، فإن سرعة تنفيذ هذه الإصلاحات لم تكن عند المستوى المتوقع، رغم إشادة الصندوق ببعض التقدم على صعيد السياسات النقدية والمالية.
قراءة تحليلية: مؤشرات متضاربة وتحديات قائمة
يبدو أن الرسائل الصادرة عن صندوق النقد تحمل نبرة مزدوجة: فمن جهة هناك إشادة بتقدم نسبي في بعض الملفات، ومن جهة أخرى هناك تحذير واضح من تباطؤ الإصلاحات وضرورة الإسراع في تنفيذ الخطوات الأساسية قبل الخريف.
ويعكس قرار دمج المراجعتين رغبة من الصندوق في إعطاء فرصة إضافية للحكومة المصرية للوفاء بالتزاماتها، مع الإبقاء على الضغط الفني والسياسي لضمان تحقيق أهداف البرنامج في نهاية المطاف.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المعقدة، ومحدودية الموارد، ستبقى ملفات مثل تقليص دور الدولة، ورفع كفاءة القطاع الخاص، وتحسين بيئة الاستثمار هي المعايير الحاسمة لتقييم التزام مصر بشروط الاتفاق.