ضربة إسرائيلية في قطر تشعل جدلًا دوليًا حول الوساطة والرهائن

دخل الصراع في غزة مرحلة جديدة من التصعيد بعد الغارة الجوية الإسرائيلية غير المسبوقة على العاصمة القطرية الدوحة، التي استهدفت مفاوضين من حركة حماس. وقد أثارت هذه الضربة موجة إدانات إقليمية ودولية، باعتبارها اعتداءً على دولة تلعب دور الوسيط الرئيسي في محادثات التهدئة.
رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، وصف الهجوم بأنه “إرهاب دولة” وحمّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية “قتل الأمل” في الإفراج عن الرهائن. الموقف القطري، المدعوم بانتقادات أمريكية وأوروبية، يعكس قلقًا متزايدًا من انهيار أي فرص للتسوية وسط استمرار الحرب التي دخلت شهرها الثالث والعشرين، وفق ما أوردته صحيفة The Guardian.
اتهامات قطرية لنتنياهو
خلال مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، أكد آل ثاني أن الغارة أودت بحياة ستة من عناصر حماس كانوا يشاركون في مفاوضات غير مباشرة بوساطة أمريكية وخليجية. وأضاف أن نتنياهو “أضاع وقت” الدوحة وجهودها، مهددًا بإعادة النظر في الدور القطري كوسيط. وأوضح أنه التقى أسر بعض الرهائن قبل ساعات من الضربة، وأنهم كانوا يعقدون آمالهم على المفاوضات، قبل أن يقضي الهجوم على تلك التطلعات. بالنسبة للدوحة، ما جرى يمثل تقويضًا متعمدًا لمساعي الحل ويضعف الثقة في أي التزامات إسرائيلية مستقبلية.

رد إسرائيلي متحدٍ
في المقابل، رد نتنياهو بلهجة متحدية على الانتقادات الدولية، معتبرًا أن قطر “تأوي إرهابيين”، ومهددًا بمواصلة الهجمات إن لم تطرد الدوحة قيادات حماس أو تسلمهم للعدالة. وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف كاتس، شدد على أن “الذراع الطويلة لإسرائيل ستصل إلى أعدائها أينما كانوا”، مؤكدًا أن من شارك في هجوم 7 أكتوبر “لن يفلت من العقاب”. أما السفير الإسرائيلي في واشنطن فأكد أن العملية ستنجح “المرة القادمة” إن لم تحقق أهدافها الآن. الموقف الإسرائيلي بدا مصممًا على إظهار الحزم رغم الانتقادات الواسعة.
انتقادات أمريكية ودولية
الهجوم قوبل بانتقاد من البيت الأبيض الذي وصفه بأنه “قصف أحادي داخل قطر لا يخدم أهداف إسرائيل ولا أمريكا”. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفى أي دور في الغارة، لكنه قال إن إدارته حاولت تحذير قطر قبل الهجوم “لكن الأوان كان قد فات”. كما دانت بريطانيا بشدة العملية، معتبرة أنها انتهاك لسيادة قطر وتقويض لمساعي السلام. روسيا والصين انضمتا لصف الإدانة، بينما أبدت دول المنطقة تضامنها مع الدوحة. الانتقادات كشفت عزلة دبلوماسية متزايدة لإسرائيل حتى وسط حلفائها التقليديين.
الوساطة القطرية في مهب الريح
لطالما لعبت قطر دور الوسيط الأبرز بين إسرائيل وحماس، مستضيفةً جولات متكررة من المفاوضات غير المباشرة. كما ساعدت في إنجاز هدنات مؤقتة بوساطة مشتركة مع الولايات المتحدة ومصر. غير أن آل ثاني أكد أن بلاده “تعيد تقييم كل شيء” بعد الضربة، ما يثير الشكوك حول مستقبل هذا الدور. خبراء مثل أندرياس كريغ من “كينغز كوليدج” وصفوا العملية بأنها “ضربة لقلب الوساطة الإقليمية” أثبتت فشل إدارة ترامب في حماية المسار الدبلوماسي الذي تبنته.
http://https://youtu.be/_maYhHpxAls
اقرأ أيضاً
بولندا تقترب من مواجهة عسكرية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية
تداعيات إنسانية وسياسية
تأتي الضربة بينما تستمر الحرب التي اندلعت في أكتوبر 2023، حين شنّ مقاتلو حماس هجومًا قتل 1200 إسرائيلي وخطف 250 شخصًا. لا يزال نحو 48 رهينة محتجزين في غزة، يُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة. الهجوم الإسرائيلي الواسع أسفر حتى الآن عن أكثر من 64 ألف قتيل فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وأكثر من 150 ألف جريح، إضافة إلى دمار هائل في القطاع. عائلات الرهائن في إسرائيل اتهمت نتنياهو بإضاعة فرص التسوية، فيما أظهرت استطلاعات متتالية دعمًا واسعًا لاتفاق ينهي الحرب ويعيد الأسرى.