“ليلة القيامة”فى غزة : خوف وعنف يسيطران على المدنيين

في مشهد يعكس مأساة غير مسبوقة، تعيش غزة ليلة شديدة الرعب، وصفها شهود بأنها تشبه “يوم القيامة”. يتنقل السكان بين الركام والطرقات المدمرة بحثًا عن مأوى، فيما تعلو أصوات الغارات الجوية والطائرات المسيّرة التي مزّقت صمت الفجر. إسرائيل تحشد قواتها البرية معلنة بدء غزو المدينة، بينما تتوالى شهادات السكان والتحذيرات الدولية، ويصدر المجتمع الدولي اتهامات بالإبادة الجماعية، وسط بيانات غاضبة من حركة حماس وقطر، في وقت تتزايد أعداد النازحين بشكل غير مسبوق.
نزوح جماعي وأزمة إنسانية غير مسبوقة
بثّت شبكة “سي إن إن” لقطات حصرية من حي الشيخ رضوان تُظهر منازل مدمّرة وسكانًا يفرّون عبر الأنقاض بحقائب وبطانيات. محمد البيان، أحد النازحين، قال: “إن هذا أكبر من مجرد عملية عسكرية، أعتقد أنهم هنا للاحتلال”. على الطريق ذاته، وصفّت صفية البابا، أم لستة أطفال، ليلة الغارات بأنها “تشبه القيامة”، مشيرة إلى خوفهم من الطائرات ورباعية المراوح التي حلقت فوق منزلهم. السكان يواجهون صعوبة بالغة في العثور على مأوى آمن وسط تزايد أعداد النازحين.
تحذيرات دولية من كارثة وشيكة
حذّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من أن الغزو الإسرائيلي سيعرّض نحو مليون فلسطيني لخطر النزوح القسري. قبل الحرب، بلغ عدد سكان غزة 450 ألف نسمة، لكن العدد ارتفع إلى 1.2 مليون حتى أغسطس الماضي، بعد نزوح آلاف من مناطق أخرى. وقدّر الجيش الإسرائيلي أن 320 ألف فلسطيني نزحوا نحو الجنوب منذ صدور أوامر الإخلاء، وأكثر من 100 ألف خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، فيما أكدت وزارة الصحة أن إسرائيل “تدفع السكان نحو معسكرات مكتظّة تفتقر للغذاء والماء والرعاية الصحية”.

تقرير أممي يتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية
أصدرت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة تقريرًا خلص إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، ووصفت اللجنة هذا الاستنتاج بأنه “الأكثر موثوقية حتى الآن”. رئيسة اللجنة نافي بيلاي قالت إنها توقعت انتقاد إسرائيل، لكنها فوجئت بـ”هجمات شخصية” ضدها. التقرير دعا إلى وقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل وضمان عدم تورط الشركات والأفراد في دعم أعمال الإبادة، كما أوصى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفحص هذه الجرائم، رغم أن التقرير لا يُشكّل قرارًا رسميًا للأمم المتحدة.
ردود حماس وقطر وغياب مفاوضات جدية
وصفت حركة حماس الهجوم الإسرائيلي بأنه “تصعيد همجي وفصل جديد من حرب الإبادة الممنهجة”، وحمّلت الولايات المتحدة “المسؤولية الكاملة عن عواقب الغزو”. من جهتها، أعلنت قطر أن المحادثات لوقف الحرب فقدت شرعيتها بعد استهداف إسرائيل لمفاوضي حماس في الدوحة، مؤكدًا أن الأولوية الحالية هي حماية سيادتها. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أكد أن إسرائيل “ليست منفتحة على مفاوضات جدية”، وشدد على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار، مع استبعاد تشكيل قوة دولية لحماية المدنيين بسبب رفض محتمل من واشنطن وتل أبيب.
مأساة غزة تتصاعد
بين الركام والغارات، يعيش سكان غزة أسوأ لحظات حياتهم، محاصرين بين النزوح القسري وخطر الهجمات المستمرة. عشرات آلاف المدنيين فقدوا منازلهم، فيما المجتمع الدولي يراقب الأزمة المتصاعدة، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية قد تتفاقم في حال استمرار العدوان. المدنيون يبحثون عن الأمان وسط شبح الحرب، متسائلين عن مستقبل المدينة وما ستؤول إليه الأزمة الإنسانية الأكثر حدة في تاريخ غزة الحديث.