الوكالات

الاتحاد الأوروبي يرفع مستوى العقوبات ضد روسيا

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، أن روسيا أظهرت “كامل استهانتها بالقانون الدولي والدبلوماسية”، في أعقاب الهجمات الروسية الأخيرة على كييف والتي استهدفت مكتب الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الطلعات الجوية المسيرة في بولندا ورومانيا. وأضافت أن الحزمة التاسعة عشر من العقوبات تأتي ردًا على التصعيد الروسي الأخير، وتركز على تقليل إيرادات موسكو من الطاقة، وفرض حظر تدريجي على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي (LNG) إلى الأسواق الأوروبية بحلول عام 2027، أي قبل الموعد المخطط له بعام كامل، في إشارة إلى جدية أوروبا في مواجهة موسكو.

 

توسيع قائمة العقوبات: السفن والشركات الكبرى

 

تشمل الإجراءات الجديدة إدراج 118 سفينة إضافية ضمن قائمة العقوبات لتصل إلى 560 سفينة، وفرض حظر كامل على المعاملات المالية لشركتي الطاقة الرئيسيتين روسنفت وغازبروم نفت، إلى جانب تجميد أصول شركات أخرى في قطاعات متنوعة. كما ستطال العقوبات شركات مصفاة وتجار نفط وشركات بتروكيماويات في دول ثالثة، بما في ذلك الصين، بتهمة شراء النفط الروسي في مخالفة للعقوبات السابقة. الهدف هو تضييق الخناق على صادرات الطاقة الروسية من المنبع إلى المستهلك النهائي، ومنع الالتفاف على العقوبات عبر أطراف وسيطة.

 

استهداف النظام المالي والرقمي الروسي

 

أكدت فون دير لايين أن الاتحاد الأوروبي سيغلق “الثغرات المالية” ويفرض حظر معاملات على بنوك روسية إضافية، بما في ذلك البنوك العاملة في دول ثالثة. ولأول مرة، ستشمل العقوبات منصات العملات الرقمية وتقييد المعاملات بالعملات المشفرة، في خطوة تستهدف منع استخدام التكنولوجيا المالية الحديثة كوسيلة لتجاوز العقوبات. وتشمل الإجراءات كذلك إدراج البنوك الأجنبية المرتبطة بأنظمة الدفع البديلة الروسية، وتقييد التعاملات مع كيانات في المناطق الاقتصادية الخاصة، مما يعكس إدراك بروكسل لأهمية الحرب المالية والرقمية إلى جانب الحرب التقليدية.

 

قطع الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية

 

ستفرض العقوبات قيودًا مباشرة على تصدير المعدات والتقنيات المستخدمة على جبهات القتال، ويستهدف القرار 45 شركة في روسيا ودول ثالثة تدعم الصناعات العسكرية الروسية، خصوصًا في مجالات الطائرات المسيّرة والابتكار العسكري. وتشمل القيود أيضًا مكونات الكترونية وأجهزة متطورة تدخل في صناعة أنظمة الصواريخ والطائرات بدون طيار، إلى جانب شركات وسيطة ساعدت في نقل التكنولوجيا خلال الفترات الماضية. الهدف هو إضعاف القدرة التكنولوجية لموسكو وتقليص فرص تحديث ترسانتها العسكرية.

 

الدعم المالي لأوكرانيا مقابل الأصول الروسية

 

رغم تجميد الأصول الروسية، ستقدم أوروبا قروض تعويضية لأوكرانيا تُسدَّد من عائدات مستقبلية محتملة من التعويضات الروسية، بحسب تصريحات فون دير لايين. وأكدت أن الهدف هو دفع روسيا لمغادرة ساحات القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات لإتاحة فرصة حقيقية للسلام. كما أوضحت أن استخدام الأصول المجمدة يمثل وسيلة عملية لتمويل كييف في مواجهة العجز المالي الحاد، ويعكس التزام الاتحاد الأوروبي بمساندة أوكرانيا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا على المدى الطويل، حتى في ظل الضغوط الداخلية.

 

العقوبات تتطلب موافقة الدول الأعضاء

 

تشير التقديرات إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خصوصًا هنغاريا وسلوفاكيا، قد تُبطئ أو تُعترض على بعض البنود، مما يعني أن هذه الإجراءات تمثل البداية الرسمية لمفاوضات فنية وقانونية ستحدد الشكل النهائي للعقوبات. ورغم الإجماع العام على ضرورة التصعيد ضد موسكو، إلا أن الخلافات حول تفاصيل الطاقة وتمويل أوكرانيا قد تطرح عراقيل. ومع ذلك، ترى بروكسل أن المرونة الدبلوماسية ستضمن في النهاية اعتماد الحزمة الجديدة، حتى لو استغرق الأمر وقتًا أطول من المتوقع.

 

تعزيز الضغط على موسكو: الطاقة والتمويل والتكنولوجيا

 

شددت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالس، على أن أي مصدر دخل يساعد الكرملين في مواصلة العدوان سيكون هدفًا للعقوبات، بما في ذلك صادرات الطاقة، وأن الهدف هو حرمان روسيا من الوسائل اللازمة لمواصلة الحرب. وأكدت على ضرورة دعم أوكرانيا عسكريًا ودبلوماسيًا حتى تحقيق سلام عادل ودائم. كما شددت على أن العقوبات يجب أن تكون شاملة ومستمرة لضمان فعاليتها، مع إغلاق أي ثغرات يمكن أن تمنح موسكو فرصة لإعادة تنظيم صفوفها أو الالتفاف على القيود المفروضة.

اقرأ أيضاً

ترامب يهاجم بوتين ويشيد ببريطانيا في مؤتمر صحفي مع ستارمر

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى