ترامب يفرض رسوم تأشيرة H-1B جديدة بقيمة 100 ألف دولار سنويًا

كشفت جريدة The Guardian أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أعلنت فرض رسوم سنوية جديدة قدرها 100 ألف دولار على تأشيرات العمل الأمريكية من فئة H-1B، وهو ما أثار موجة من التساؤلات والارتباك بين مئات الآلاف من العمال الأجانب في الولايات المتحدة. وتُعد هذه التأشيرة أداة محورية لشركات التكنولوجيا والقطاعات المتخصصة لجذب المواهب من الخارج في مجالات مثل الهندسة والطب وعلوم الكمبيوتر. وبينما ترى إدارة ترامب أن القرار يحمي اليد العاملة المحلية، حذّر خبراء الاقتصاد من تداعياته على القدرة التنافسية الأمريكية، وسط مخاوف من “هجرة عقول” وخسارة كفاءات دولية.
ما هي تأشيرة H-1B؟
تعود جذور برنامج H-1B إلى عام 1990 عندما وقع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب قانونًا جديدًا لتشجيع استقدام العمالة الماهرة من الخارج. يُمنح هذا النوع من التأشيرات لأصحاب المؤهلات العالية في مجالات متخصصة مثل الهندسة والعلوم والتعليم، وغالبًا لمدة أولية تصل إلى ثلاث سنوات قابلة للتمديد حتى ست سنوات. وبحسب تقرير حديث، هناك ما يقارب 730 ألف حامل لتأشيرة H-1B داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى أكثر من نصف مليون من أفراد عائلاتهم، بما يمثل نحو 1.3 مليون مقيم. سابقًا، كانت تكاليف التأشيرة تتراوح بين 1700 و4500 دولار، مع حد أقصى سنوي يبلغ 85 ألف تأشيرة يتم توزيعها عبر قرعة.
تفاصيل القرار الجديد
أعلنت إدارة ترامب عن رفع رسوم طلبات التأشيرة إلى 100 ألف دولار سنويًا، مؤكدة أن الهدف من هذه الخطوة هو وقف إساءة استخدام البرنامج في تقليص رواتب الأمريكيين أو نقل الوظائف للخارج. ووفق القرار، تتحمل الشركات الراعية هذه الرسوم وليس المتقدمين أنفسهم. وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك برر القرار بقوله: “إما أن يكون العامل أجنبيًا ذا قيمة عالية للشركة ولأمريكا، أو يُستبدل بمواطن أمريكي”. وترى الإدارة أن هذه السياسة ستشجع الشركات على تعيين محليين، مع الإبقاء فقط على أصحاب الكفاءات المتميزة ضمن سوق العمل الأمريكي.
القطاعات الأكثر تأثرًا
يُعتبر قطاع التكنولوجيا أكبر المتأثرين بالقرار، حيث يعتمد بشدة على برنامج H-1B، خاصة أن ثلثي الوظائف المرتبطة به في مجال علوم الكمبيوتر. شركات عملاقة مثل أمازون وغوغل ومايكروسوفت وآبل تستعين بآلاف من حاملي هذه التأشيرات سنويًا. وقد حذرت مؤسسات وادي السيليكون موظفيها من السفر خارجيًا في ظل الغموض الذي رافق الإعلان. ويشمل البرنامج أيضًا المعلمين وأطباء الرعاية الصحية، ما يوسع نطاق المتضررين. اللافت أن قادة بارزين في قطاع التكنولوجيا مثل سوندار بيتشاي وساتيا ناديلا كانوا يومًا ما من حاملي هذه التأشيرة، ما يبرز دورها في تشكيل نخبة وادي السيليكون.
ردود فعل متباينة
تباينت المواقف بشأن القرار؛ فبينما حذر اقتصاديون من أن الرسوم ستقوض النمو الاقتصادي وتدفع الكفاءات للهجرة خارج الولايات المتحدة، رأت الهند — أكبر المستفيدين من البرنامج — أن القرار ستكون له آثار إنسانية على الأسر. وأعربت عن أملها أن تُعالج واشنطن التداعيات بشكل عادل. في المقابل، أيّد بعض رجال الأعمال القرار، بينهم ريد هاستينغز، مؤسس نتفليكس، الذي اعتبر أن الرسوم ستضمن وصول التأشيرات إلى وظائف عالية القيمة وتُنهي نظام القرعة. أما السياسيون الأمريكيون، فقد استمروا في الانقسام، حيث يرى البعض أن البرنامج يضر بسوق العمل المحلي بينما يراه آخرون ركيزة للابتكار.
هل يتأثر حاملو التأشيرات الحاليون؟
أكدت الإدارة الأمريكية أن الرسوم الجديدة لا تُطبق بأثر رجعي ولا تشمل من يحملون بالفعل تأشيرات H-1B. وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن القرار يسري فقط على المتقدمين الجدد، بينما يظل بإمكان الحاصلين على التأشيرات مغادرة الولايات المتحدة والعودة إليها دون الحاجة إلى دفع الرسوم الباهظة. هذا التوضيح جاء ليُخفف من حدة القلق والارتباك الذي ساد في الأيام الأولى عقب صدور القرار، لكنه لم يمنع استمرار الجدل حول مستقبل البرنامج وتأثيره على قدرة أمريكا على الحفاظ على دورها كمركز جذب عالمي للكفاءات الماهرة.