عرب وعالم

غموض واستدعاءات واسعة.. الجيش الأمريكي على أعتاب إعادة تشكيل كبرى

أصدر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أوامر عاجلة إلى مئات الجنرالات والأدميرالات بالتجمع الأسبوع المقبل في قاعدة مشاة البحرية بولاية فرجينيا، دون توضيح الهدف من الاستدعاء. هذه الخطوة المفاجئة أثارت حالة من القلق والجدل داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية، خصوصًا في ظل موجة تغييرات وإقالات غير مسبوقة طالت صفوف القادة الكبار منذ بداية العام. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن حجم الاستدعاء غير مألوف ويشمل قادة ميدانيين موزعين على مناطق صراع مختلفة، الأمر الذي دفع كثيرين إلى التساؤل حول ما يحدث خلف الكواليس، وسط تكهنات بأن الأمر قد يرتبط بإعادة هيكلة كبرى في الجيش الأمريكي.

 

استدعاء غير مسبوق

 

ذكرت واشنطن بوست أن التعليمات وُجّهت إلى معظم كبار الضباط المنتشرين حول العالم، بما فيهم قادة القوات الأمريكية في أوروبا، الشرق الأوسط، ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. كما طالت الأوامر الضباط برتبة عميد فما فوق، إضافة إلى مستشاريهم العسكريين، بينما استُثنيت المناصب الإدارية. المتحدث باسم البنتاجون شون بارنيل اكتفى بالقول إن الاجتماع “مخطط له مسبقًا”، لكنه لم يكشف أي تفاصيل عن جدول الأعمال. هذا الغموض زاد من الترقب، حيث تساءل محللون عن جدوى استدعاء قادة ميدانيين بعيدين عن مواقعهم في وقت يشهد فيه العالم تصاعدًا في التوترات الأمنية.

 

قلق في الأوساط العسكرية

 

حجم الاستدعاء أثار دهشة وغضبًا في أوساط القادة العسكريين السابقين. بعضهم أكد للصحيفة أنهم لا يتذكرون واقعة مشابهة جمعت هذا العدد الكبير من الجنرالات دفعة واحدة. أحد المصادر وصف الأجواء بقوله: “الناس قلقون للغاية، ولا يملكون أدنى فكرة عن مغزى هذه الخطوة”. آخرون حذروا من خطورة إلزام قادة ميدانيين بترك قواتهم في مناطق حساسة، معتبرين أن ذلك قد يعرّض مصالح الأمن القومي للخطر. هذه المخاوف زادت من حالة الغموض التي تحيط بالاجتماع، وسط تكهنات تتراوح بين إصلاحات تنظيمية داخلية وبين استعداد لخطط استراتيجية جديدة.

 

تغييرات جذرية في البنتاجون

 

يأتي الاجتماع في سياق سلسلة تغييرات واسعة ينفذها الوزير هيجسيث داخل البنتاجون. فقد شملت قراراته خفضًا مقترحًا بنسبة 20% في عدد الضباط رفيعي الرتب، إلى جانب تسريح عشرات القادة البارزين. وفي مايو الماضي، أمر بتسريح نحو 100 جنرال وأدميرال، بينهم ضباط من فئة الأربع نجوم، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإعادة هيكلة القيادة العليا. كما تضمنت التغييرات إقالات في مناصب حساسة مثل مدير وكالة استخبارات الدفاع، ومسؤولين في البحرية وقوات العمليات الخاصة، ما جعل كثيرين يعتبرونها حملة “تطهير واسعة النطاق”.

 

أبعاد سياسية واستراتيجية

 

ترتبط هذه التطورات بسياق أوسع من القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب في السنوات الأخيرة، والتي شملت إقالة رئيس هيئة الأركان المشتركة وعدد من كبار قادة الأسلحة البحرية والجوية. مراقبون وصفوا هذه الإجراءات بأنها تهدد استقرار المؤسسة العسكرية وتعيد رسم ملامحها وفق رؤية جديدة. في المقابل، تشير تسريبات من داخل الإدارة إلى أن الاجتماع الاستثنائي قد يكون مخصصًا لمناقشة استراتيجية دفاع وطني جديدة، تركز على “الدفاع عن الوطن” وتضع الصين في موقع “التهديد الأول” للأمن القومي الأمريكي، وهو ما قد يبرر الطابع العاجل وغير المسبوق لهذا الاستدعاء.

 

غموض يفاقم القلق

 

يبقى الاجتماع المرتقب في كوانتيكو محاطًا بكثير من الغموض، في ظل تكتّم رسمي وتكهنات واسعة داخل الأوساط العسكرية والسياسية. وبينما يترقب القادة جدول الأعمال المجهول، تتزايد المخاوف من أن تكون هذه التحركات تمهيدًا لتحولات كبرى في بنية الجيش الأمريكي وأولوياته الاستراتيجية. ومع تصاعد التوترات العالمية، فإن أي تغيير في القيادة العليا أو العقيدة الدفاعية قد ينعكس مباشرة على دور الولايات المتحدة في الساحة الدولية، ويزيد من القلق بشأن مستقبل المؤسسة العسكرية الأكثر نفوذًا في العالم.

اقرأ أيضاً 

بـ24 غارة.. إسرائيل تقصف صنعاء رداً على هجوم إيلات 

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى