عرب وعالم

يقودهم إلى طريق مسدود.. الأمريكيون يفقدون ثقتهم في إدارة ترامب

تشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن نسبة متزايدة من الأمريكيين ترى أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب. اللافت أن هذا الشعور لم يعد مقتصرًا على الديمقراطيين والمستقلين فحسب، بل امتد ليشمل قاعدته الجمهورية التي طالما شكلت دعامة أساسية له. ومع تزايد القلق بشأن الوضع الداخلي، يخشى مراقبون أن يؤدي هذا التراجع في الثقة إلى تقويض الحماس الانتخابي لترامب مع اقتراب استحقاقات عام 2026. بيانات الرأي العام تكشف صورة قاتمة عن تراجع مستويات الرضا الشعبي لأدنى معدلاتها منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

 

استطلاعات تكشف منحنى تنازلي

 

أظهر استطلاع حديث لشركة “فيراسيت” أن 28% فقط من الأمريكيين يعتقدون أن بلادهم تسير في الاتجاه الصحيح، مقابل 60% يرون العكس. هذه النسبة تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بشهر أغسطس، حين بلغت 33%. مؤسسة “جالوب” أكدت الاتجاه نفسه، مشيرة إلى أن نسبة الرضا عن مسار البلاد هبطت إلى 29% فقط، وهو أدنى مستوى منذ تولي ترامب السلطة. ورغم أن هذه الأرقام تمثل استمراراً لتقلبات الرأي العام، فإنها تكشف عن تحول جوهري في المزاج الشعبي، خصوصاً داخل أوساط الجمهوريين الذين بدأ تفاؤلهم يتراجع تدريجياً.

 

الجمهوريون يفقدون التفاؤل

 

البيانات الأخيرة أبرزت انخفاضاً واضحاً في رضا الجمهوريين عن الوضع العام، إذ تراجعت النسبة من 76% في أغسطس إلى 68% في سبتمبر. أما المستقلون فظلوا عند 23%، والديمقراطيون عند 1% فقط. هذا التراجع يعكس خيبة أمل متنامية داخل الحزب الجمهوري، الذي كان يمثل سابقاً خزان الدعم الأهم لترامب. ووفق وكالة أسوشيتد برس-نورك، ارتفعت نسبة الجمهوريين الذين يرون البلاد على “الطريق الخطأ” من 29% في يونيو إلى 51% في سبتمبر، خصوصاً بين الشباب، حيث ارتفعت النسبة 30 نقطة لتصل إلى 61%، وهو مؤشر مقلق لمستقبل القاعدة الانتخابية.

 

اغتيال كيرك وتأثيره السياسي

 

جاءت هذه المؤشرات بعد اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك في 10 سبتمبر، وهو حدث صدم الحزب الجمهوري وزاد من شعور الأمريكيين بعمق الأزمة السياسية. فقد أظهر استطلاع لجامعة “كوينيبياك” أن 79% من الناخبين يرون أن الولايات المتحدة تعيش أزمة سياسية خانقة، مع إجماع شبه كامل بين الديمقراطيين والمستقلين، وحتى أغلبية الجمهوريين. الاغتيال لم يكن مجرد مأساة شخصية، بل تحوّل إلى نقطة مفصلية زادت الشكوك حول قدرة إدارة ترامب على ضبط الأوضاع الداخلية، وساهم في إذكاء المخاوف من تصاعد العنف السياسي والانقسام المجتمعي.

 

تصاعد القلق من الجريمة والعنف

 

بعد حادث كيرك، ارتفعت نسبة الأمريكيين الذين يعتبرون الجريمة مشكلة وطنية رئيسية من 3% في أغسطس إلى 8% في سبتمبر، بحسب “جالوب”، وهي أعلى نسبة منذ خمس سنوات. كما تضاعفت المخاوف بشأن الوحدة الوطنية لتصل إلى 10%. الانقسامات الحزبية بدت واضحة، إذ ارتفعت مخاوف الجمهوريين من الجريمة من 6% إلى 14%، بينما ساهم المستقلون في تضخيم القلق من الانقسام السياسي. كذلك كشف استطلاع “يوجوف” أن 59% من الأمريكيين يرون العنف السياسي خطراً جسيماً، وهو شعور مشترك بين الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين.

 

ترامب واليمين المحافظ يردون

 

ردود الفعل الجمهورية على اغتيال كيرك اتسمت بالغضب والحزن، حيث وصفه ترامب بـ”شهيد الحرية الأمريكية”، وأعلن منحه وسام الحرية الرئاسي بعد وفاته. كما أمر بتنكيس الأعلام وألقى باللوم على “اليسار الراديكالي” في خلق مناخ عدائي يقود إلى مثل هذه الأحداث. زعماء الحزب، مثل جون ثون ومايك لي، أشادوا بكيرك وأدانوا العنف، فيما أكد نائب الرئيس جيه دي فانس أن الاغتيال جزء من “معركة ثقافية أوسع”. غير أن هذا الخطاب السياسي، وفق خبراء، قد يعزز الانقسامات بدلاً من تهدئتها، مما يفاقم شعور الأمريكيين بأن البلاد على مسار خاطئ.

 

الأزمة قد تطيح بالجمهوريين

 

يرى محللون أن استمرار ترامب وحلفائه في تصوير الأوضاع وكأنها كارثية قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، إذ يقتنع الناخبون بأن البلاد فعلاً منهارة، فيزداد شعورهم بالإحباط. بيتر لوج من جامعة جورج واشنطن أوضح أن هذه السردية المتشائمة تجعل الناخبين أكثر ميلاً لمعاقبة من هم في السلطة عبر صناديق الاقتراع. أما الخبير مات ماكديرموت فحذر من أن هذه المؤشرات تنذر بكارثة انتخابية للجمهوريين، لأن الناخبين لا يبحثون فقط عن تحسين الوضع الاقتصادي، بل أيضاً عن الاستقرار السياسي. وغياب هذا الاستقرار قد يدفع كثيرين للابتعاد عن ترامب وحزبه.

 

مستقبل غامض لإدارة ترامب

 

تظهر الاستطلاعات الأخيرة أن إدارة ترامب تواجه تحدياً غير مسبوق في الحفاظ على شعبيتها، حتى داخل معاقلها التقليدية. تصاعد مشاعر القلق من العنف السياسي والانقسام الداخلي قد يضعف فرص الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة، ويضع ترامب أمام اختبار صعب. وبينما يسعى لتأطير الأحداث كجزء من معركة ثقافية ضد خصومه، يبدو أن الرأي العام الأمريكي يزداد قناعة بأن البلاد تسلك مساراً خاطئاً. وإذا لم ينجح الجمهوريون في استعادة ثقة الناخبين سريعاً، فقد يجدون أنفسهم أمام خسارة كبيرة في الانتخابات القادمة.

اقرأ أيضاً

عائلات المحتجزين: نتنياهو يعرقل الاتفاقات ويهاجم الوسطاء

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى