اخبار عاجلة

استفزازات روسيا تُهدِّد حلف الناتو — ماذا يتعلّم الحلف من الحرب الباردة؟

في سبتمبر تكرّرت اختراقات جوية واستفزازات روسية ضد دول حلف شمال الأطلسي: أسراب الطائرات المسيّرة فوق بولندا، طائرة مسيّرة تعبر أجواء رومانيا في طريقها إلى أوكرانيا، وثلاث مقاتلات MiG-31 دخلت المجال الجوي الإستوني. هذه الحوادث ليست جديدة من حيث النوع، لكن اتساعها وجرأتها يجعلانها علامة مقلقة على تصعيد متكرر.

الاستجابة الواضحة الوحيدة لإنهاء مثل هذه الاختراقات هي إسقاط الطائرة المعتدية أو تعطيل الطائرة المسيّرة. وعلى الرغم من التكلفة السياسية والعسكرية، فإن إسقاط طائرة معادية عرضًا لا يعني بالضرورة انزلاقًا إلى حرب كبرى — بل قد يعيد ترسيم “الخطوط الحمراء” ويمنح الردع مصداقية.

دروس من الحرب الباردة

التاريخ يُعلمنا أن حوادث جوية قاتلة لم تُفضِ بالضرورة إلى تصعيد شامل. خلال الحرب الباردة وقعت حوادث عديدة (منحنى الاشتباكات فوق بحر البلطيق وكوريا، وإسقاط الطائرة الأمريكية U-2 عام 1960 وغيرها) ولم تتحوّل كلها إلى مواجهة نووية. بدلاً من ذلك، اتبعت القوى مسارات الحذر: استعراض القوة، إجراءات دبلوماسية واحتواء التصعيد. هذا المزيج — استعداد لاستخدام القوة مع قنوات اتصال سرية ودبلوماسية — هو ما حافظ على إدارة المخاطر آنذاك.

لماذا يجب أن يطلق الناتو رداً صارماً؟

الاعتقاد بأن التسامح مع الاختراقات سيقنع موسكو بالتراجع هو وهم. التجاوزات المتكررة تختبر عزيمة الحلف، وإذا لم تُعطَ رداً سريعاً وحازماً، ستنتهي الرسالة بأن “الخطوط الحمراء” وهمية ويمكن اختراقها بلا ثمن. الرد الحاسم مرّ في صورته العملية: إسقاط الطائرة أو تحييدها حين تتجاوز الأجواء الوطنية. هذا الرد يثبت المصداقية ويردع المزيد من الاختبارات.

البروتوكولات ضرورة — لكن الحوار أهم أيضاً

الحرب الباردة أنتجت بروتوكولات لإدارة الحوادث الجوية وفتحت قنوات اتصال مباشرة بين العواصم لتجنّب سوء الفهم. الناتو بحاجة اليوم إلى نهج مماثل: تجهيز الإجراءات العسكرية لردع الخروقات، مع توسعة اتصالات عسكرية-إلى-عسكرية ودبلوماسية هادئة خلف الأبواب المغلقة. لكل ساعة من التصريحات النارية العلنية، يجب أن تُنفق ثلاث ساعات من الحوار السري والتنسيق لتقليل مخاطر التصعيد غير المقصود.

الخلاصة

روسيا ستواصل اختبار الحدود وستحاول توسيع هامش التحرك للناتو. لذلك، يجب على الحلف أن يجمع بين عنصرين متكاملين: استعداد عملي لاستخدام القوة في مواجهة الخروقات لضمان الردع، واحتفاظ بقنوات اتصال دبلوماسية وعسكرية لتبريد الأزمات ومنع الانزلاق إلى صراع أوسع. إسقاط طائرة روسية حين تهدد أمن إقليم الحلف ليس فعلًا عدوانيًا بحد ذاته، بل إجراء وقائي يعيد احترام القواعد ويذكّر الخصم بأن هناك حدودًا لا يجوز تجاوزها.

اقراء أيضاً:

“وزير الاستثمار يبحث مع صندوق النقد سُبل دعم الإصلاحات وتعزيز بيئة الأعمال في مصر”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى