القوة الفضائية الأمريكية تطلق منافسة لتطوير منظومة اعتراض صاروخي من الفضاء

أعلنت القوة الفضائية الأمريكية عن إطلاق دعوة لتقديم مقترحات أولية ضمن برنامجها الطموح لتطوير منظومة اعتراض فضائية Space-Based Interceptor – SBI، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة الولايات المتحدة على التصدي للصواريخ الباليستية وفرط الصوتية من الفضاء. ويتولى قيادة أنظمة الفضاء Space Systems Command تنفيذ البرنامج عبر مكتب القوة القتالية الفضائية Space Combat Power PEO، بدعوة الشركات الأمريكية الكبرى والمتوسطة إلى تصميم وتسليم نماذج أولية لأنظمة اعتراض تعمل في المدار، في إطار عقود ستُبرم بصيغة اتفاقيات معاملات أخرى OTAs وفق قانون الولايات المتحدة.
الهدف: اعتراض الصواريخ قبل دخول الغلاف الجوي
يأتي برنامج SBI كجزء من خطة أمريكية لتطوير طبقات متعددة من الدفاع الصاروخي، تهدف لاعتراض التهديدات في مراحلها الأولى أثناء التحليق. وسيسمح نشر كوكبة من الاعتراضات في المدار المنخفض للأرض باكتشاف وتدمير الصواريخ الباليستية وفرط الصوتية قبل بلوغها أهدافها. ويُعد هذا التطور حيويًا في ظل التقدم السريع الذي تحرزه روسيا والصين وكوريا الشمالية في تقنيات الصواريخ الحديثة، ما يعزز الحاجة الأمريكية إلى مظلة فضائية متقدمة.
شروط المشاركة والتأهيل الفني
تخضع تفاصيل البرنامج لقيود صارمة، إذ تتيح الوثائق التقنية المعروفة باسم “مكتبة العطاءات Bidders Library” فقط للشركات الحاصلة على ترخيص ساري من خلال اتفاقية البيانات العسكرية الحساسة DD Form 2345 الصادرة عن وكالة اللوجستيات الدفاعية DLA ضمن برنامج الشهادات المشتركة JCP . وبعد الموافقة، يمكن للشركات المؤهلة طلب معلومات إضافية عبر القنوات الآمنة، وتقديم نقاط اتصال JWICS لتلقي البيانات المصنفة المعروضة خلال فعالية يوم الصناعة الفضائية.
الجدول الزمني والفرص المتاحة
حددت القوة الفضائية الأمريكية جدولًا زمنيًا دقيقًا للمنافسة، إذ ينتهي الموعد المحدد لطلب الوصول إلى مكتبة العطاءات في 24 سبتمبر 2025، بينما تُقدَّم المقترحات بحلول 2 أكتوبر 2025، على أن يُعلن رسميًا عن المنافسة في 4 أكتوبر 2025. ورغم أن المشروع لا يقتصر على الشركات الصغيرة، فقد أكدت القيادة تشجيع مشاركة الشركات الناشئة والمملوكة لأقليات ضمن التحالفات الصناعية الكبرى.
مشاركة جهات غير حكومية في مراجعة العروض
أشارت الوثيقة إلى أن الحكومة ستستعين بخبراء من خارج المؤسسات الفدرالية لتحليل المقترحات المقدمة، من بينهم مراكز الأبحاث والتطوير الممولة اتحاديًا FFRDCs ، وشركات هندسة الأنظمة والتكامل SE&I ، إضافة إلى مقاولي الدعم الفني والهندسي SETA . وتستهدف هذه الخطوة تسريع التقييم الفني وضمان اتساق المعايير الفنية والتشغيلية بين الجهات المشاركة في المشروع الدفاعي الجديد.
تحوّل استراتيجي في العقيدة الدفاعية الأمريكية
يمثل مشروع الاعتراض الفضائي أحد أكثر برامج التحديث الدفاعي الأمريكي طموحًا، إذ ينقل منظومة الدفاع الصاروخي إلى طبقة فضائية قادرة على الاشتباك المباشر مع التهديدات. ورغم أن تصاميم الاعتراضات لا تزال سرّية، إلا أن المبادرة تعكس تحولًا استراتيجيًا في عقيدة البنتاغون — من اعتبار الفضاء مجالًا للدعم اللوجستي والاتصالات إلى اعتباره ساحة قتال رئيسية. ويرى محللون أن نجاح المشروع سيمهد الطريق لإنشاء طبقة دائمة من الدفاع في المدار الأرضي المنخفض، لاعتراض الصواريخ خلال مرحلة الاندفاع Boost Phase ، وهي قدرة طالما سعت واشنطن لتحقيقها منذ التسعينيات.
تدخل القوة الفضائية الأمريكية بهذه المنافسة مرحلة جديدة في سباق التفوق الدفاعي الفضائي، إذ لم يعد الرهان على الأقمار الصناعية والمراقبة فحسب، بل على بناء درع مداري حقيقي يحمي الولايات المتحدة وحلفاءها من التهديدات الصاروخية المتقدمة قبل أن تغادر الغلاف الجوي.