عرب وعالم

الإغلاق الحكومي يشلّ «القلب النووي» لأمريكا ويكشف هشاشة منظومتها الأمنية

تواجه الولايات المتحدة أزمة غير مسبوقة في واحدة من أكثر مؤسساتها حساسية، إذ تبدأ اعتبارًا من غد الجمعة عملية تسريح العاملين في الوكالة الفيدرالية المسؤولة عن صيانة وتصميم الاسلحة النووية، في حال استمرار الإغلاق الحكومي. وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت حذر من أن الحكومة “لن تكون قادرة على دفع أجور العاملين” خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى أن أي تأخير إضافي سيجبر المهندسين والعلماء على ترك وظائفهم والبحث عن بدائل أخرى. وأضاف في مقابلة مع شبكة “بلومبرج” أن هذا التوقف قد يعرقل الجهود الجارية لتحديث الترسانة النووية الأمريكية، ويقوض قدرة البلاد على الحفاظ على تفوقها الاستراتيجي في سباق التسلح العالمي.

تهديد لمشروعات الأمن النووي

الإدارة الوطنية للأمن النووي، وهي الذراع شبه المستقلة لوزارة الطاقة، تُعد مسؤولة عن تصنيع وتفكيك الأسلحة النووية، وتزويد البحرية الأمريكية بالمفاعلات النووية، فضلًا عن التعامل مع الطوارئ الإشعاعية ومكافحة الإرهاب النووي. توقف التمويل يعني شللًا تدريجيًا في هذه الأنشطة الحيوية، ما يثير قلق الخبراء من تأثير مباشر على برامج الردع النووي. وتحذر تقارير أمنية من أن أي خلل في عمل الوكالة قد يؤثر أيضًا على عمليات نقل الأسلحة النووية وتأمينها داخل الولايات المتحدة، بل وحتى على القدرة الأمريكية في الاستجابة للحوادث الإشعاعية حول العالم، وهو ما تعتبره واشنطن خطًا أحمر في منظومة أمنها القومي.

شلل تشريعي يعمّق الأزمة

في المقابل، فشل مجلس الشيوخ الأمريكي للمرة الثامنة في تمرير مشروع قانون التمويل المؤقت الذي تقدم به الحزب الجمهوري لوقف الإغلاق وتمويل الحكومة حتى 21 نوفمبر المقبل. وجاء التصويت بنتيجة 49 مقابل 45 صوتًا، دون تغيّر في مواقف الأعضاء عن الجولات السابقة، ما أبقى الأزمة مفتوحة على احتمالات التصعيد. الجمهوريون بحاجة إلى خمسة أصوات ديمقراطية إضافية على الأقل لكسر الجمود السياسي، لكن الانقسامات الحزبية العميقة تعرقل أي توافق. ومع استمرار الشلل التشريعي، تتسع دائرة التأثير لتشمل قطاعات حيوية، من الطاقة إلى الأمن والدفاع، وتتصاعد التحذيرات من أن تكلفة الإغلاق ستتجاوز المال لتطال أمن الولايات المتحدة واستقرارها السياسي.

الكونغرس يفشل مجددًا في إنهاء الإغلاق وسط انقسام حزبي حاد.

تداعيات إنسانية وأمنية متشابكة

الإغلاق لم يضرب المؤسسات الكبرى فقط، بل امتد إلى العاملين في الصفوف الأولى. فقد كشفت شبكة “إن بي سي” أن ضباط شرطة الكونجرس المكلّفين بحماية أعضاء الكابيتول لم يتقاضوا رواتبهم كاملة منذ بدء الإغلاق قبل أسبوعين، بينما يواصل المشرعون تقاضي رواتبهم دون انقطاع. اتحاد نقابات الشرطة حذر من أن إطالة الأزمة تُدخل الضباط في دوامة مالية خانقة، إذ لا تراعيهم البنوك في سداد القروض ولا ملاك العقارات في دفع الإيجارات. ومع كل يوم يمر دون اتفاق، تزداد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على آلاف الموظفين، ما يجعل الإغلاق ليس مجرد أزمة سياسية، بل اختبارًا قاسيًا لقدرة الدولة على حماية أمنها الداخلي والخارجي في آنٍ واحد.

اقرا ايضا

مصر تفتح أبوابها لجرحى غزة وتكثّف إرسال المساعدات الإنسانية

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى