عرب وعالم

قمة ترامب–بوتين في بودابست تثير قلق أوروبا

زيلينسكي يعترض على استضافة المجر للقاء وسط مخاوف من ميل واشنطن نحو موسكو

أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن قمته المقبلة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ستُعقد في بودابست، بدعوة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، موجة من الانزعاج في العواصم الأوروبية، بعد إشارات اعتُبرت ميلًا أمريكيًا نحو الموقف الروسي بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وجاء الإعلان بعد مكالمة “ودية” بين ترامب وبوتين اتفقا خلالها على عقد اللقاء، تلتها مباشرة ضغوط مارسها ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقبول شروط موسكو لإنهاء الحرب.

اختيار المجر كمقر للحدث أثار حفيظة كييف وعدة دول أوروبية، نظرًا لعلاقات أوربان الوثيقة بروسيا ومواقفه المناوئة للاتحاد الأوروبي رغم عضوية بلاده في الاتحاد والناتو. وقال دبلوماسي أوروبي: “لا أحد مرتاح، الجميع يتظاهر بالرضا والأسنان مشدودة.”

موقف أوكرانيا وأوروبا

صرّح زيلينسكي الأحد بأنه لا يرى بودابست “المكان الأنسب” لاستضافة القمة، مذكرًا بأن أوربان “يعطل دعم أوكرانيا في كل فرصة”. وأضاف أن المجر “لا يمكنها لعب دور متوازن” لكنه أبدى استعداده للقاء ترامب في اجتماع موازٍ إذا طُلب منه ذلك.

وأشار إلى أن الفكرة كانت من اقتراح مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف، قائلاً إن “هناك خيارات أكثر ملاءمة — مثل سويسرا، النمسا، الفاتيكان، السعودية، قطر، أو تركيا.”

من جهتها، شددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس على أن “استقبال شخص مطلوب للعدالة الدولية في أوروبا أمر غير مقبول”، في إشارة إلى مذكرة توقيف بوتين من المحكمة الجنائية الدولية. أما وزير خارجية ليتوانيا فقال بوضوح: “المكان الوحيد لبوتين في أوروبا هو قاعة المحكمة في لاهاي.”

المجر بين موسكو وواشنطن

أشاد ترامب بأوربان قائلًا إنه “قائد نحبه، وبوتين يحبه أيضًا، والمجر بلد آمن وسيكون مضيفًا ممتازًا”. بينما أكّد الكرملين أن العلاقة بين بوتين وأوربان “بنّاءة ودافئة”، متوقعًا أن تسهم القمة في “تقدم نحو تسوية سلمية” وكذلك في “تعزيز العلاقات الثنائية الروسية–الأمريكية”.

لكن استضافة بوتين ستضع المجر في مخالفة لالتزاماتها الدولية، كونها ما تزال رسميًا طرفًا في نظام المحكمة الجنائية حتى صيف العام المقبل، رغم إعلانها نيتها الانسحاب منها.

ويرى محللون أن الحدث يمثل انتصارًا رمزيًا لأوربان الذي يسعى إلى ترسيخ صورة بلاده كقوة وسطية قادرة على الحوار مع الجميع، وهو أمر قد يعزز موقعه قبيل الانتخابات المقبلة. وقالت الخبيرة الأمريكية جينيفر كافاناه: “هذا بمثابة ترقية لمكانة المجر لتصبح مثل تركيا أو فيتنام أو دول الخليج، التي يمكنها التحدث مع الجميع.”

مخاوف أوروبية متجددة

يحذر دبلوماسيون أوروبيون من أن القمة ستقوض وحدة الموقف الأوروبي حيال الحرب في أوكرانيا، وهو ما وصفه الخبير المجري بوتوند فيليدي بأنه “نجاح على الطريقة الأوربانية” يعزز السلطة الشخصية على حساب العمل الجماعي الأوروبي.

كما يستحضر الأوكرانيون “ذكريات بودابست القديمة” — إذ شهدت المدينة عام 1994 توقيع مذكرة الضمانات الأمنية بين كييف وموسكو وواشنطن ولندن، مقابل تخلّي أوكرانيا عن ترسانتها النووية، وهي الاتفاقية التي مزقها بوتين حين ضمّ القرم عام 2014 وغزا أوكرانيا في 2022.

وقال زيلينسكي ساخرًا: “بودابست لم تجلب لنا الحظ سابقًا… لكن إذا تحقق السلام، فلن يهم المكان.”

تحركات موازية في الاتحاد الأوروبي

يستعد قادة الاتحاد لاجتماع في بروكسل الخميس لبحث استخدام الأصول الروسية المجمدة كقرض بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، واعتماد حزمة جديدة من العقوبات ضد موسكو. ويعوّل القادة على تأخر أوربان عن القمة بسبب احتفالات وطنية، لتمرير القرارات من دونه.

وفي المقابل، يصف أوربان استضافة القمة بأنها “إنجاز سياسي بحد ذاته”، منتقدًا الأوروبيين لأنهم “أغلقوا قنوات الحوار مع روسيا بينما يسلّحون أوكرانيا”.

الخلاصة:

قمة بودابست تمثل لحظة حساسة في توازن العلاقات بين واشنطن وموسكو وأوروبا. فبينما يراها ترامب “خطوة نحو السلام”، يعتبرها الأوروبيون خطرًا على وحدة الغرب، فيما يخشى الأوكرانيون من أن يتحول “سلام بودابست الثاني” إلى تكرارٍ مأساويٍ لتاريخ 1994

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى