أزمة دولية بعد اعتقال روسيا عالم أوكراني معارض لصيد الكريل في القطب الجنوبي

أثارت روسيا أزمة دبلوماسية جديدة مع أوكرانيا بعد اعتقالها عالم الأحياء الأوكراني البارز ليونيد بشينيتشنوف، البالغ من العمر 70 عامًا، بتهمة “الخيانة العظمى”، عقب دعمه جهود الحد من صيد الكريل في القطب الجنوبي. بشينيتشنوف، المتخصص في علوم القطب الجنوبي وحماية البيئة البحرية، كان متجهًا إلى أستراليا لحضور مؤتمر دولي لمناقشة حماية الحياة البحرية، عندما تم توقيفه في مدينة كيرتش بشبه جزيرة القرم المحتلة. الاتهامات الروسية تشير إلى أن العالِم تعاون مع الوفد الأوكراني لتقديم أبحاثه كدعم لمقترحات تهدف إلى تقييد صيد الكريل بما يضر بالمصالح الاقتصادية الروسية. زملاؤه وعلماء البيئة وصفوا هذه التهم بأنها “ملفقة بالكامل”، مؤكدين أن بشينيتشنوف قضى عقودًا في دراسة وحماية النظام البيئي للقطب الجنوبي. اعتقاله يفتح جدلاً واسعًا حول استخدام العلوم كأداة سياسية، ويثير قلق المجتمع الدولي بشأن حرية العلماء وأهمية حماية الموارد البحرية الحساسة.
تفاصيل الاعتقال والخلفية العلمية
وثائق رسمية حصلت عليها صحيفة “ذا غارديان” تشير إلى أن روسيا تتهم بشينيتشنوف بـ”الانشقاق إلى صفوف العدو”، عبر تعاونه مع الوفد الأوكراني في مؤتمر لجنة حفظ الموارد البحرية الحية في القطب الجنوبي “CCAMLR” بمدينة هوبارت الأسترالية. السلطات الروسية تعتبر أن دعمه لمقترحات أوكرانية لتقليل صيد الكريل يضر بالمصالح الاقتصادية لموسكو، بينما يرى زملاؤه أن هذه الاتهامات سياسية بحتة تهدف لإسكات الأصوات العلمية المعارضة للسياسات الروسية. ويأتي اعتقاله في وقت تحاول فيه اللجنة الدولية إنشاء منطقة بحرية محمية حول شبه جزيرة القطب الجنوبي لحماية الكريل، الكائن البحري الصغير الذي يشكل أساس السلسلة الغذائية في المحيط الجنوبي، وسط معارضة روسيا والصين وقلق العلماء من وصول مستويات الصيد إلى حد غير مستدام لأول مرة هذا العام.

ردود الفعل الدولية
أعربت أستراليا عن “قلق بالغ” إزاء احتجاز بشينيتشنوف، فيما طالبت بريطانيا موسكو بالإفراج عن “جميع المدنيين المحتجزين تعسفًا”. واعتبر السفير الأوكراني في أستراليا، فاسيل مروشنيتشينكو، أن اعتقال العالِم يمثل “انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية”، مطالبًا الدول الأعضاء في لجنة CCAMLR بإدانة تصرفات روسيا. وقال في كلمته خلال افتتاح المؤتمر: “هل من المقبول أن يقف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي بينما يُسجن عالم أوكراني كرس حياته لدراسة وحماية موارد القطب الجنوبي؟”، مضيفًا أن بشينيتشنوف يعاني مشاكل صحية ويحتاج إلى علاج منتظم، ما يزيد المخاوف على وضعه في السجن ويعكس حجم المخاطر التي يتعرض لها العلماء الذين يرفضون التنازل عن الحقائق العلمية أمام المصالح السياسية.
وضع العالم بشينيتشنوف ومسيرته العلمية
يعمل بشينيتشنوف مع لجنة CCAMLR منذ عام 1983، ومثّل أوكرانيا فيها منذ عام 1994، وقد كرس حياته لدراسة النظام البيئي للقطب الجنوبي وحماية الكريل. بعد احتلال القرم، اضطر للحصول على جواز سفر روسي، ما جعله عرضة للاعتقال التعسفي وفق السفير الأوكراني. زملاؤه وصفوه بأنه عالم “استثنائي” وشخص “طيب للغاية”، مؤكدين أن اعتقاله لم يقتصر على تهديد شخصه فحسب، بل يمثل رسالة تهدف إلى إسكات العلماء الذين يرفضون دعم السياسات الروسية في القطب الجنوبي. اعتقاله يسلط الضوء على مخاطر ربط الأبحاث العلمية بالمصالح السياسية، ويطرح تساؤلات حول دور المجتمع الدولي في حماية العلماء وحرية البحث العلمي.
الدعوات الدولية للإفراج عنه
طالبت منظمات بيئية دولية، بينها مؤسسة Blue Marine Foundation، روسيا بالإفراج عن بشينيتشنوف فورًا، مؤكدة أن “جريمته الوحيدة هي تقديم أدلة علمية حول أضرار صيد الكريل على النظام البيئي في القطب الجنوبي”. هذه الدعوات الدولية تأتي في سياق تحذيرات العلماء من أن مستويات الصيد الحالية للكريل وصلت إلى حد غير مستدام، ما قد يهدد السلسلة الغذائية للمحيط الجنوبي بأكملها. وتطالب هذه المنظمات المجتمع الدولي بالضغط على موسكو لإطلاق سراح العالِم وضمان حماية حرية البحث العلمي، كجزء من مسؤولية الدول الأعضاء في لجنة CCAMLR للحفاظ على البيئة البحرية والنظم البيئية الحساسة في المنطقة القطبية.



