عواصف داخل حزب العمال: تعليق العضوية يكشف ضعف القيادة لا قوتها
ستارمر في مواجهة تمرد داخلي ومعارضة تتزايد من داخل الحزب نفسه

في خضم الاضطرابات السياسية التي تعصف بحزب العمال البريطاني، يبدو أن رئيس الوزراء كير ستارمر يتجه نحو استخدام القوة بدلاً من الإقناع. تعليق عضوية أربعة نواب بسبب تمرّدهم ليس دليلاً على الحزم، بل مؤشراً على ضعف القيادة وفقدان السيطرة على التوازن الداخلي للحزب. هذا النهج أثار انتقادات واسعة، حتى من داخل صفوف الحزب نفسه.
1تعليق العضوية يعكس الضعف وليس القوة
قرار ستارمر بتعليق عضوية أربعة نواب لم يكن مظهرًا من مظاهر الحسم، بل كشف عن قلق داخل القيادة من اتساع رقعة الاعتراضات، خاصة بعد الخلافات حول خفض مخصصات الوقود الشتوي ومساعدات ذوي الإعاقة.
معارضة واسعة داخل الحزب
أكثر من 120 نائبًا أبدوا اعتراضهم على التخفيضات المقترحة في نظام الرفاه، بينما امتنع آخرون عن التوقيع علنًا رغم تأييدهم لها. لم يكن هناك “قادة للتمرد”، بل شعور عام بأن هذه السياسات خاطئة سياسيًا وأخلاقيًا.
المعاقبون ليسوا من اليسار الراديكالي
النواب الذين تم تعليقهم ينتمون إلى التيار اليساري المعتدل، وليسوا من أنصار كوربين. من بينهم راشيل ماسكل، التي يُنظر إليها كصاحبة مواقف ضميرية حادة، ما يجعل تعليقها من الحزب أشبه بتغذية نزعتها المعارضة بدلًا من كبحها.
الانتقام الصغير أم سياسة تحذير؟
ذكرت مصادر في ظل الحزب أن تعليق العضوية هو بمثابة “رؤوس على الرماح” لتحذير النواب الجدد. لكن هذا المنطق يبدو كنوع من الانتقام السياسي، خاصة بعد أن أجبرت المعارضة الداخلية القيادة على التراجع عن عدة قرارات.
سابقة في التعامل مع المعارضة
كير ستارمر هو أول رئيس وزراء يبدأ فترته بتعليق عضوية نواب من حزبه. في شهره الأول، عاقب سبعة نواب دعموا اقتراح الحزب القومي الاسكتلندي بشأن إلغاء حد الأطفال في الإعانات، وهو عدد يفوق مجموع ما عاقبه توني بلير خلال عشر سنوات.
اقرا أيضاً:
ترامب يُشعل الحرب التجارية مجددًا ويُهدد روسيا وأوروبا… والعالم يترقب
مقارنة بأسلوب بلير
بلير لم يكن لينًا مع المعارضة، لكنه عرف كيف يُديرها. كان يعقد اجتماعات يومية مع رؤساء الانضباط البرلماني، ويستمع إلى النواب المنتقدين، بمن فيهم المتمردون الدائمون مثل دينيس سكينر. الإقناع والحوار كانا أداته الأساسية.
سياسة “الاستماع” كسلاح سياسي
بحسب أحد مساعدي بلير، كانت الإستراتيجية تقوم على استيعاب التوجهات المختلفة داخل الحزب: النساء، النقابيون، المتدينون، اليساريون، والنواب في الدوائر الهشة. لم يكن يهددهم، بل يناقشهم ويشرح وجهة نظره.
ملفات ساخنة تنتظر الخريف
حين يعود النواب من عطلتهم الصيفية، ستُطرح ملفات حساسة مثل مراجعة خدمات ذوي الاحتياجات الخاصة واستراتيجية مكافحة فقر الأطفال، ما قد يعمق الانقسام داخل الحزب، خاصة مع استمرار دعم 60% من الرأي العام لحد الأطفال.
أزمة هوية سياسية
المشكلة لا تكمن في تمردات فردية، بل في شعور واسع بأن الحكومة تفتقر إلى رؤية واضحة. سلسلة التراجعات عن السياسات أثارت تساؤلات حول ما إذا كان الحزب يعرف إلى أين يتجه، وماذا يمثل فعليًا.
قلق النواب من فقدان مقاعدهم
العديد من النواب يدركون أن فوزهم جاء في دوائر غير مضمونة وبأغلبية هشة. ومع تزايد الأخبار الاقتصادية السلبية، وتراجع استطلاعات الرأي لصالح حزب “ريفرم يو كي”، تتزايد مخاوفهم بشأن فرصهم في الانتخابات المقبلة.
الإقناع لا الإكراه هو الحل
إن أراد ستارمر استعادة وحدةالحزب، فعليه تبنّي سياسات أكثر وضوحًا، والاستماع إلى نوابه بدلًا من معاقبتهم. كما تذكّرنا قصة إيسوب عن الرياح والشمس: حين تحاول الرياح نزع المعطف بالقوة، يتمسك به الرجل، أما الشمس فتقنعه بخلعه بلطفها.