مرأة ومنوعات

طيور الفلامينغو تهدد إنتاج الأرز في إيطاليا: معركة غير متوقعة في حقول الريزوتو

الفلامينغو ضيف غير مرغوب فيه في حقول أرز الريزوتو

في مشهد غير مألوف يعكس التغيرات البيئية والتحولات السلوكية في عالم الطيور، يواجه مزارعو شمال شرق إيطاليا خطرًا غير تقليدي يهدد أحد أكثر محاصيلهم الزراعية حساسية: أرز الريزوتو.

فبدلاً من الجفاف أو الحشرات، يجد الفلاحون في مقاطعة “فيرارا” أنفسهم في مواجهة أسراب من طيور الفلامينغو التي غزت الحقول المغمورة بالمياه، وهي مناطق حيوية لنمو الأرز. هذه الطيور لا تأكل الأرز نفسه، لكنها تثير التربة بأقدامها الواسعة بحثًا عن الرخويات والطحالب والحشرات، ما يؤدي إلى تدمير البذور حديثة الزرع وتعكير بنية الحقول.

هذه الظاهرة البيئية، رغم كونها مثيرة من الناحية الطبيعية، تثير غضب الفلاحين الذين يشهدون خسائر قد تصل إلى 90% في بعض المساحات، في ظل غياب حلول فعالة لردع هذه الطيور الساحرة لكن المدمّرة. فما الذي يجذب الفلامينغو إلى الداخل الإيطالي؟ وكيف يحاول الفلاحون التعايش مع هذا “الاجتياح الوردي”؟

غزاة ورديون في حقول الأرز

تُعد طيور الفلامينغو مشهداً غير مألوف في سهول الأرز الإيطالية، لكنها أصبحت منذ سنوات ضيفًا دائمًا في منطقة “فيرارا”، الواقعة بين البندقية ورافينا. تستغل الطيور المياه الضحلة في الحقول المغمورة خلال موسم الزرع للبحث عن غذائها، وتدمر دون قصد البذور المزروعة بدقة. ومع توسع هذه الظاهرة، باتت الطيور تمثل تهديدًا واسع النطاق على محصول الأرز الذي يشكّل مكونًا أساسيًا في المطبخ الإيطالي.

خسائر قاسية وتعب نفسي للمزارعين

يصف الفلاح إنريكو فابري خسائره بأنها “تشبه فقدان طفل”، بعد أن تضرر ما يصل إلى 90% من بعض حقوله. يقول: “تستثمر جهدك ووقتك طوال الموسم، ثم تأتي الطيور لتقضي على كل شيء خلال أيام”. هذه الخسائر لا تؤثر فقط على المحصول، بل تولد شعورًا بالعجز والغضب بين المزارعين الذين لا يملكون حلولاً فعالة لردع هذه الطيور المحمية بيئيًا.

تكتيكات يائسة: من الطبول إلى المدافع الصوتية

لجأ المزارعون إلى وسائل بدائية وحديثة في آن، تشمل إطلاق أبواق الشاحنات، وقرع البراميل، وحتى استخدام مدافع غازية تُصدر أصواتًا مدوية. لكن كل هذه المحاولات لم تمنع الطيور من التحليق إلى حقول مجاورة وبدء جولة جديدة من التخريب. الأمر يشبه لعبة مطاردة عبثية بين المزارعين والفلامينغو.

السبب في التحول السلوكي للفلامينغو

بحسب خبراء الطيور، فإن الفلامينغو التي كانت تستوطن مناطق في شمال إفريقيا وإسبانيا وجنوب فرنسا، بدأت تظهر في إيطاليا بعد موجات الجفاف في الجنوب الإسباني منذ أوائل الألفينات. ويعتقد الباحث روبرتو تيناريلي أن هذا التحول دفع الطيور إلى البحث عن مواطن غذاء جديدة، لتستقر في الأراضي الزراعية المغمورة.

من محميات ساحلية إلى الداخل الزراعي

في السابق، تمركزت الفلامينغو في محميات ساحلية مثل وديان “كوماتشيو” القريبة من دلتا نهر بو. لكنها في السنوات الأخيرة بدأت التوغل في الداخل، لتستقر في حقول الأرز المزروعة حديثًا، والتي تفيض بالمياه بين أواخر الربيع وأوائل الصيف، ما يجعلها موطنًا مثاليًا للبحث عن الغذاء، وإن كان ذلك على حساب المحاصيل الزراعية.

دعوات لحلول بيئية متوازنة

رغم الغضب، يؤكد بعض المختصين أن هناك حلولًا ممكنة لا تتطلب إيذاء الطيور. من أبرز هذه الحلول: تقليص عمق المياه في الحقول خلال الزراعة إلى 5-10 سم بدلًا من 30 سم، أو زرع أحزمة من الأشجار والغطاء النباتي حول الحقول لمنع الطيور من النزول فيها. يرى العلماء أن التوازن بين حماية البيئة والإنتاج الزراعي لا يزال ممكنًا.

صدام بين الجمال الطبيعي والضرورات الاقتصادية

في النهاية، يواجه الفلاحون الإيطاليون معضلة بين الحفاظ على التنوع البيئي الذي تمثله طيور الفلامينغو، وبين تأمين لقمة عيشهم من زراعة مكلفة وحساسة. يقول ماسيمو بيفا، أحد كبار المزارعين ونائب رئيس اتحاد المزارعين المحلي: “الفلامينغو طيور جميلة، لكن لا بد من تقليص وجودها قبل أن تقضي على واحدة من أهم الزراعات لدينا”.

اقرأ أيضًا:

هجوم نادر للنحل يصيب العشرات في بلدة فرنسية – أسوشيتد برس

رحمة عماد

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى