خاص| وليد حجاج:انقطاع الإنترنت في مصر 2025.. هل يعيد سيناريو 28 يناير؟
حريق سنترال رمسيس يكشف هشاشة البنية التحتية للاتصالات.. والمصريون يعيشون "عزلة رقمية" تشبه ما حدث خلال

في ساعات الصباح من يوم الإثنين 7 يوليو 2025، استيقظ ملايين المصريين على صدمة رقمية غير متوقعة.
وقد شهدت القاهرة وعدد من المحافظات انقطاعًا مفاجئًا وواسعًا في خدمات الإنترنت والاتصالات، تبين لاحقًا أنه ناتج عن حريق كبير اندلع في مبنى سنترال رمسيس، أحد أعمدة شبكة الاتصالات الرئيسية في مصر.
وما إن بدأ الانقطاع، حتى شعر الكثيرون بأنهم يعيشون لحظة مألوفة، تذكروا من خلالها يوم 28 يناير 2011، حينما تم فصل خدمات الإنترنت بالكامل عن مصر خلال أحداث الثورة، وهو اليوم الذي أُطلق عليه إعلاميًا “جمعة الغضب”.
وقال وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، إن ما حدث يعيد للأذهان مشاهد عزلة تكنولوجية شبيهة بما جرى عام 2011، مؤكدًا أن “الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا دون وجود خطط طوارئ واستعدادات بديلة يجعلنا عرضة لأزمات حقيقية”.
وأضاف حجاج لموقع”العالم ف دقائق “، أن العزلة الرقمية التي حدثت خلال ساعات الانقطاع أثّرت على المواطنين والاقتصاد على حد سواء.
تساؤلات المواطنين.. من يتحمل المسؤولية؟
تصدّرت وسائل التواصل الاجتماعي، التي استطاع البعض الوصول إليها عبر “VPN” أو وسائل بديلة، تساؤلات مشروعة:
- كيف لسنترال واحد أن يؤثر على شبكة دولة بأكملها؟
- لماذا لا توجد مراكز احتياطية تتحمل الضغط عند وقوع الكوارث؟
- من يتحمل مسؤولية الخسائر التي حدثت نتيجة توقف الاتصالات؟
تأثيرات كارثية على الحياة اليومية
لم يكن الانقطاع مجرد مشكلة تقنية عابرة، بل تسبب في شلل شبه كامل للعديد من القطاعات، منها:
- توقف معاملات الدفع الإلكتروني والمحافظ الذكية
- تعطل ماكينات ATM وكروت الائتمان
- تعليق التداول في البورصة المصرية لفترة مؤقتة
- تعطل خدمات أوبر وكريم والتطبيقات التشاركية
- توقف المراجعات أونلاين لطلاب الثانوية العامة
- تعطيل الاتصالات مع الإسعاف والمطافئ في حالات طارئة
وتساءل كثيرون على مواقع التواصل:
- كام شخص كان عنده حالة مرضية طارئة؟
- كام مواطن اتحرج وهو بيحاسب في سوبرماركت ومفيش شبكة؟
- كام موظف خسر صفقة بسبب مكالمة ما ردتش؟
- كام مطعم وبنزينة وقفوا بسبب الدفع الإلكتروني؟
فرق الزمن.. لكن الاعتماد صار أضعافًا مضاعفة
في عام 2011، كان تأثير قطع الإنترنت خطيرًا، لكنه لا يقارن بواقع اليوم. فبعد مرور 14 سنة، أصبحت التكنولوجيا هي شريان الحياة اليومي:
- التعليم أصبح رقميًا
- المدفوعات أصبحت إلكترونية
- الشركات تدار عن بُعد
- الاجتماعات تُعقد عبر الإنترنت
- حتى المواعيد الطبية والاستشارات تتم عبر التطبيقات
وكل ذلك يجعل انقطاع الإنترنت اليوم أكثر خطورة وتأثيرًا من أي وقت مضى.
أين خطط الطوارئ والتأمين الشبكي؟
الكارثة التي وقعت في سنترال رمسيس طرحت تساؤلات عميقة حول جاهزية البنية التحتية الرقمية في مصر.
وهل هناك مراكز بيانات احتياطية؟ أين أنظمة الحماية من الكوارث؟ وهل يوجد نسخ احتياطي فوري لتجاوز الأعطال؟
درس يجب أن لا يُنسى
ما حدث يجب أن يكون ناقوس خطر يدق في آذان المسؤولين والشركات، بأن استمرارية الخدمة ليست رفاهية بل ضرورة وطنية.
والأمن الرقمي لا يقتصر على منع الاختراقات، بل يمتد لضمان استمرارية تشغيل الشبكة وحماية حياة واقتصاد المواطنين.
وبينما نُجمع جميعًا على أن الحريق كان قضاءً وقدرًا، فإن التقصير في التجهيز له وتحمل نتائجه ليس كذلك.