عرب وعالم

الصين في موقع قوي لمواجهة تجارية مع ترامب

ندرة المعادن ليست السلاح الوحيد… الولايات المتحدة ستجد صعوبة في الاستغناء عن سلع حيوية أخرى من بكين

يشبّه المراقبون المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين بمباراة ملاكمة يسبقها “استعراض كلامي”. فقد صعّد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بِسِّنت نبرته مؤخرًا، قائلاً إن الصراع التجاري الحالي هو “الصين ضد العالم”، مهددًا بفصل اقتصادي تام إذا لم تتراجع بكين عن قيود تصدير المعادن النادرة. وردّت الصين باتهام واشنطن بـ“ازدواجية المعايير”، فيما نشر الإعلام الرسمي مقاطع لماو تسي تونغ أثناء حرب كوريا وهو يعلن: “لن نرضخ أبدًا مهما طال الصراع.”

ورغم هذا التحدي المتبادل، يستعد الجانبان أيضًا للتفاوض. إذ يعتزم بِسِّنت لقاء نظرائه الصينيين هذا الأسبوع، في وقت يظهر فيه الرئيس دونالد ترامب رغبة في صفقة جديدة، بعد أن وصف الرسوم الجمركية بنسبة 100% بأنها “غير مستدامة” وأشاد بالرئيس شي جين بينغ بوصفه “قائدًا محترمًا للغاية”.

تفوق صيني في المواد الحرجة

يبدو أن واشنطن بدأت تدرك أن الضربة الاقتصادية الأقوى في يد الصين. فبينما يعتمد منطق ترامب على أن أمريكا تستورد أكثر مما تصدّر إلى الصين، مما يمنحها “النفوذ”، تكشف الأرقام أن بعض السلع الأساسية لا يمكن استبدالها بسهولة.

المثال الأبرز هو المعادن الأرضية النادرة التي تهدد بكين بتقييد تصديرها في ديسمبر، ما قد يؤدي إلى توقف خطوط إنتاج أمريكية حساسة خلال أسابيع.

لكن الصين لا تملك فقط ورقة المعادن؛ فدراسة حديثة أظهرت أنها المورّد الوحيد لمكونات دوائية رئيسية تُستخدم في مئات الأدوية الأمريكية — من المضادات الحيوية إلى أدوية القلب والسرطان والحساسية. ما يقرب من 700 دواء في السوق الأمريكية يعتمد على مواد فعّالة تُنتج حصريًا في الصين.

محاولات أمريكية محدودة التأثير

بينما تبحث واشنطن عن “نقاط ضغط” مضادة، كانت نتائجها متواضعة. العقوبات على هواوي لم تُضعف الشركة كما توقعت الإدارة الأمريكية، إذ طوّرت رقائق وتقنيات محلية وعاودت النمو. كما أن تقييد صادرات الذكاء الاصطناعي لم يمنع ظهور منافسين صينيين مثل DeepSeek الذي ينافس OpenAI الأمريكية.

كل ذلك يشير إلى أن الصين قادرة على امتصاص الضغط والتحوّل إلى الاكتفاء الذاتي بسرعة نسبية، في حين تعتمد واشنطن على واردات صينية يصعب تعويضها.

انعكاسات استراتيجية أوسع

يقول الكاتب جدعون راكمان إن ما يجري في الحرب التجارية يقدّم تصورًا قاتمًا لأي صراع محتمل حول تايوان: فالصين تملك القدرة على خنق الاقتصاد الأمريكي سريعًا عبر وقف صادرات المعادن الضرورية لصناعات عسكرية مثل مقاتلات F-35.

ومع ذلك، لن تخرج بكين من حرب تجارية طويلة منتصرة تمامًا. فالولايات المتحدة تمثل نحو 10% فقط من الصادرات الصينية، لكن مع ضعف الطلب المحلي وتخمة الإنتاج الصناعي، تحتاج الشركات الصينية إلى الأسواق الخارجية لتجنب الانكماش. كما أن نقص الوظائف للخريجين والاضطرابات السياسية الداخلية يضعفان صورة الاستقرار التي يسعى الحزب الشيوعي لترسيخها.

الخلاصة

رغم أن كلا الجانبين يملكان أوراق ضغط، إلا أن الصين تبدو أكثر استعدادًا لتحمل المواجهة، مستفيدة من سيطرتها على سلاسل التوريد الحرجة — من المعادن النادرة إلى المكونات الدوائية. لكن أي “انتصار” محتمل سيكون باهظ الثمن للطرفين، إذ قد تترك هذه المعركة الاقتصادية ندوبًا دائمة في الاقتصاد العالمي، تمامًا كما يخرج الملاكمون من حلبة النزال منهكين حتى لو فاز أحدهم بالنقاط

اقراء أيضاً:

وصول كوشنر وويتكوف إلى إسرائيل لتعزيز وقف إطلاق النار في غزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى