الهند تختبر بنجاح صاروخاً باليستيا قادراً على حمل رؤوس نووية

في خطوة تعكس تصاعد التنافس الاستراتيجي في جنوب آسيا، أعلنت الهند أنها أجرت بنجاح تجربة إطلاق لصاروخ باليستي متوسط المدى من طراز “أجني-5″، وهو سلاح قادر على حمل رؤوس نووية والوصول إلى عمق الأراضي الصينية. التجربة، التي نُفذت في ولاية أوديشا شرق البلاد، جاءت في إطار تحديث القدرات الدفاعية الهندية وتعزيز مكانتها في مواجهة خصميها التقليديين: الصين وباكستان. وبحسب السلطات الهندية، فقد حقق الصاروخ جميع المعايير التقنية والعملياتية، في إشارة إلى اقتراب دخوله الخدمة ضمن منظومة الردع الاستراتيجي.
الهند والصين.. تنافس متجذر
العلاقات بين نيودلهي وبكين تشهد توترات متواصلة منذ عقود، تفاقمت بعد الاشتباك الحدودي الدموي عام 2020 الذي خلف قتلى من الجانبين. ورغم محاولات التهدئة عبر اللقاءات الثنائية، لا تزال أجواء انعدام الثقة تسيطر على العلاقات بين أكبر قوتين سكانيتين في العالم، خاصة مع اتساع نطاق المنافسة على النفوذ في جنوب آسيا.
دور التحالفات الأمنية
الهند ليست وحدها في مواجهة الصين، إذ تشكل عضويتها في تحالف “الرباعية” (Quad) مع الولايات المتحدة وأستراليا واليابان ركيزة أساسية لموازنة النفوذ الصيني في المنطقة. هذا التحالف يعكس تحولًا استراتيجيًا متزايدًا في السياسة الهندية نحو الشراكة مع القوى الغربية لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية.
التوتر مع باكستان
في موازاة ذلك، تبقى باكستان الخصم التقليدي الأكثر قربًا وخطورة على الهند. فقد شهدت العلاقات بين البلدين توترًا جديدًا بعد هجوم دامٍ في كشمير أودى بحياة 26 شخصًا، واتهمت نيودلهي إسلام آباد بالوقوف وراءه، وهو ما نفته الأخيرة. ومع امتلاك البلدين للسلاح النووي، يبقى خطر الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة قائمًا دائمًا.
مزيج من الصراع والتقارب
ورغم هذه التوترات، تحاول الهند والصين الحفاظ على قنوات للتواصل، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية التي فاقمها النزاع التجاري الذي أشعله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. فقد التقى رئيس الوزراء ناريندرا مودي بنظيره الصيني شي جينبينغ العام الماضي في قمة استضافتها روسيا، ومن المتوقع أن يزور الصين للمرة الأولى منذ 2018 لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون.
ضغوط أمريكية متزايدة
غير أن علاقات الهند مع الولايات المتحدة تمر بمرحلة معقدة. فبينما يجمعهما هدف احتواء الصين، تضغط واشنطن على نيودلهي لإنهاء اعتمادها على النفط الروسي، ملوحة بزيادة الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية من 25% إلى 50% إذا لم تستجب بحلول 27 أغسطس. هذه الضغوط تضع الهند بين خيارات اقتصادية صعبة وتحديات جيوسياسية متشابكة.
استراتيجية الردع الصاروخي
يمثل صاروخ أجني-5 تتويجًا لبرنامج محلي يهدف إلى تطوير منظومات صاروخية قصيرة ومتوسطة المدى، تعزز قدرة الهند على الردع في مواجهة خصومها الإقليميين. ومع امتلاك باكستان سلاحًا نوويًا، وتوسع الصين في ترسانتها الصاروخية، تسعى نيودلهي لترسيخ معادلة توازن قوى تضمن لها التفوق النسبي وحماية مصالحها الاستراتيجية في بيئة إقليمية شديدة الاضطراب.