حضور أمريكي مفاجئ في مناورات “زاباد 2025” الروسية-البيلاروسية

في خطوة غير متوقعة، شهدت مناورات “زاباد 2025” العسكرية المشتركة بين روسيا وبيلاروسيا حضور ضابطين من الجيش الأمريكي كمراقبين، ما أثار تساؤلات عن دوافع واشنطن والتقارب الدبلوماسي مع مينسك، وفق تقرير نشرته France 24. يأتي هذا الحدث في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، في وقت يُفترض فيه أن تكون الولايات المتحدة ضمن التحالف الغربي الداعم لأوكرانيا. هذه المبادرة الأمريكية تظهر استراتيجية مزدوجة تهدف إلى استثمار بيلاروسيا كوسيط محتمل في الملف الأوكراني، بينما تعزز النفوذ الأمريكي في منطقة تتسم بالتوتر بين الشرق والغرب، وتفتح الباب أمام فرص اقتصادية محتملة لكل من واشنطن وموسكو.
ضيوف غير متوقعين على أرض بيلاروسيا
يبدو للوهلة الأولى أن ضباط الجيش الأمريكي ليس لهم مكان في هذه المناورات، خصوصًا مع الحرب الروسية على أوكرانيا. إلا أن وزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خرينين، رحب بالمراقبين الأمريكيين وضمن لهم “أفضل المواقع لمتابعة التمارين”. ونشرت السلطات فيديو يظهر المصافحة بين الوزير والضباط الأمريكيين، في سياق مشاركة حوالي 20 دولة، من بينها ثلاث أعضاء في الناتو: الولايات المتحدة وتركيا والمجر. هذه الصورة اللافتة تثير الدهشة وتبرز تباينًا واضحًا بين موقف واشنطن التقليدي من روسيا وبيلاروسيا والواقع الحالي على الأرض.
صورة دبلوماسية متناقضة
تصف الباحثة ناتاشا ليندشتايد الوضع بأنه “صورة مفاجئة تؤكد أن ترامب لا يرى مشكلة في اقتران أمريكا بأنظمة استبدادية مثل بيلاروسيا”. يشير الخبراء إلى تناقض المواقف: من جهة، روسيا وبيلاروسيا تتصاعدان في مواجهة الغرب، ومن جهة أخرى، بدأت إدارة ترامب عملية تقارب دبلوماسي مع مينسك. هذه الخطوة لا تعد مبادرة منفصلة، بل جزء من محادثات أوسع بين واشنطن ومينسك، تضمنت زيارة مبعوث أمريكي خاص ونقاشات حول تحسين العلاقات الثنائية، بما في ذلك الإفراج الجزئي عن السجناء السياسيين ورفع بعض العقوبات.
مكاسب سياسية للكرملين وبيلاروسيا
يحاول الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، استعادة دوره الدبلوماسي وسط ضعف تأثيره في الحرب الأوكرانية مقارنة بالحلفاء الآخرين مثل كوريا الشمالية والصين. يرى الخبراء أن التعامل الأمريكي معه يمنحه شرعية رمزية ويعزز صورته داخليًا وخارجيًا. ومع ذلك، فإن محاولة الابتعاد عن النفوذ الروسي تشكل مخاطرة سياسية كبيرة، إذ تعتمد بيلاروسيا اقتصاديًا وعسكريًا على موسكو. وأكد الخبراء أن أي خطوة أمريكية تجاه مينسك تمت بموافقة روسية، ما يعكس توازنًا دقيقًا بين الأطراف الثلاثة.
فرص اقتصادية ودبلوماسية
يرى المحللون أن هذه الخطوة الأمريكية قد تسعى لتفعيل دور لوكاشينكو كوسيط بين ترامب وبوتين، خصوصًا في ملف أوكرانيا. كما تفتح فرصًا تجارية، مثل رفع العقوبات عن شركة الطيران البيلاروسية “بيلافيا”، ما يتيح لواشنطن الاستفادة من صفقات محتملة مع بوينغ. بعض الخبراء لا يستبعدون أن تكون موسكو شريكًا في هذه الخطوة لإيجاد منافذ اقتصادية. المعارضة البيلاروسية حذرت من أن رفع العقوبات دون إصلاحات سياسية قد يسهل التهرب من القيود التجارية وخلق طرق جديدة لدعم الاقتصاد الروسي.
http://https://t.me/boost/modmilby
مناورات عسكرية تتحول إلى منصة دبلوماسية
حضور ضباط أمريكيين في “زاباد 2025” يعكس واقعًا دبلوماسيًا معقدًا، يجمع بين التقارب الأمريكي مع مينسك والتنسيق مع موسكو، في حين تسعى الولايات المتحدة لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية، والبيلاروسيون لاستعادة موقعهم في الساحة الدولية. هذه الدينامية توضح كيف يمكن للمناورات العسكرية أن تتحول إلى منصة للتفاوض الدبلوماسي والتأثير الإقليمي، بما يربط بين السياسة، الاقتصاد، والتحالفات في قلب التوترات الأوروبية الشرقية.