تصاعد الضربات المتبادلة بين أوكرانيا وروسيا بعد هجوم سوتشي
هجوم أوكراني على هدف نفطي استراتيجي

شهدت الحرب الروسية الأوكرانية في الأيام الأخيرة تصعيداً جديداً، مع تبادل ضربات جوية وبالطائرات المسيّرة بين الجانبين، وسط استمرار الخسائر البشرية والمادية. ففي ضربة لافتة، استهدفت أوكرانيا مستودع نفط قرب مدينة سوتشي الروسية المطلة على البحر الأسود، ما أدى إلى اندلاع حريق ضخم وتعليق مؤقت لحركة الطيران في مطار المدينة. الهجوم جاء في ختام أسبوع دموي شهد مقتل وإصابة المئات في أوكرانيا جراء ضربات روسية مكثفة، بينما واصلت كييف ضرب أهداف حيوية في الداخل الروسي، في وقت تشهد فيه البلاد أيضاً تطورات سياسية مرتبطة بملف مكافحة الفساد. هذه التطورات، ميدانياً وسياسياً، تعكس تشابك الحرب العسكرية مع المعركة الدبلوماسية والاقتصادية، وسط ضغط أمريكي وأوروبي على موسكو لوقف التصعيد.
هجوم أوكراني على هدف نفطي استراتيجي
أعلنت السلطات الروسية أن هجوماً بطائرة مسيّرة أوكرانية أصاب خزان وقود في مستودع نفطي قرب سوتشي، ما أدى إلى اندلاع حريق هائل. الخزان المستهدف تصل سعته إلى 2000 متر مكعب من الوقود، فيما شارك أكثر من 120 رجل إطفاء في محاولة للسيطرة على النيران. مقاطع فيديو أظهرت أعمدة كثيفة من الدخان الأسود تتصاعد من الموقع، وأدى الحادث إلى إغلاق مؤقت لمطار سوتشي. ورغم أن أوكرانيا استهدفت مراراً البنية التحتية الروسية المرتبطة بالمجهود الحربي، فإن الضربات على سوتشي تعد نادرة، مما يعكس توسيع نطاق الأهداف.
رد روسي بضربات على ميكولايف ومدن أخرى
في المقابل، قالت السلطات الأوكرانية إن صاروخاً روسياً أصاب منطقة سكنية في مدينة ميكولايف جنوب البلاد، ما أسفر عن إصابة سبعة أشخاص على الأقل. كما استهدفت مسيرات أوكرانية مناطق داخل روسيا، بينها مقاطعة فورونيج، حيث أُصيب أربعة أشخاص. وتحدثت وزارة الدفاع الروسية عن اعتراض 93 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل، بينها 60 فوق البحر الأسود، ما يعكس حدة المعارك الجوية وتزايد اعتماد الطرفين على الهجمات غير المأهولة.
أسبوع دموي وتصعيد في كييف
جاءت هذه التطورات بعد هجوم روسي واسع على العاصمة الأوكرانية كييف الخميس الماضي، أسفر عن مقتل 31 شخصاً، بينهم خمسة أطفال، وإصابة أكثر من 150 آخرين. الاتحاد الأوروبي وصف الهجوم بأنه “عمل منحط”، فيما رفعت بروكسل أعلامها نصف السارية حداداً. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جدد مناشدته للدول الحليفة لتزويد بلاده بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي، محذراً من استمرار الخسائر البشرية إذا لم يتم تعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية.
دعم دفاعي متجدد من ألمانيا
أعلنت الحكومة الألمانية أنها ستسلم أوكرانيا قريباً منصتين إضافيتين من منظومة الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت“، إضافة إلى ثلاث منظومات سبق تسليمها منذ بداية الغزو الروسي في فبراير 2022. هذه الخطوة تأتي ضمن جهود أوروبية لتعزيز قدرات كييف الدفاعية، وسط تحذيرات من استمرار روسيا في استهداف البنية التحتية المدنية والعسكرية على حد سواء.
إنذار أمريكي وتصعيد العقوبات
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حدد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهلة حتى 8 أغسطس للتوصل إلى تقدم في جهود السلام، مهدداً بفرض عقوبات اقتصادية جديدة إذا لم يتم إحراز أي تقدم. لكن استمرار الضربات المتبادلة يعكس تراجع فرص التهدئة، فيما تصر موسكو على مواصلة عملياتها العسكرية رغم الضغوط الدولية.
معركة الأجواء: أرقام متباينة للطرفين
الجيش الأوكراني قال إنه أسقط 60 طائرة مسيّرة روسية وصاروخاً واحداً من أصل 76 مسيّرة و7 صواريخ أطلقتها موسكو ليلة الأحد. لكن وزارة الدفاع الروسية ذكرت أنها اعترضت 93 مسيّرة أوكرانية، في أرقام يصعب التحقق منها بشكل مستقل، لكنها تعكس حجم العمليات الجوية المتصاعدة بين الطرفين.
جبهة سياسية داخلية في كييف
إلى جانب التطورات العسكرية، شهدت أوكرانيا أزمة سياسية حادة بعد احتجاجات شعبية أجبرت البرلمان على إعادة الاستقلالية لوكالات مكافحة الفساد، بعد أن كانت قد وُضعت تحت سلطة النائب العام المعيّن من قبل زيلينسكي. القضية انفجرت بعد كشف فضيحة رشوة مرتبطة بعقود شراء طائرات مسيّرة ومعدات عسكرية، أدت إلى اعتقال نائب في البرلمان وعدد من المسؤولين. زيلينسكي أعلن سياسة “عدم التسامح مطلقاً” مع الفساد، مؤكداً أن حماية القيم التي يدافع عنها الجنود على الجبهة تبدأ من الداخل.
حرب متعددة الجبهات
الأحداث الأخيرة تؤكد أن الصراع بين أوكرانيا وروسيا لم يعد محصوراً في الجبهات العسكرية التقليدية، بل امتد ليشمل حرباً اقتصادية ودبلوماسية وسياسية داخلية. وبينما يستمر تبادل الضربات في الميدان، تواجه كييف تحديات في الحفاظ على دعم حلفائها وفي إدارة ملفات حساسة مثل الفساد. ومع اقتراب مهلة ترامب لبوتين، تبدو فرص التهدئة ضعيفة، ما يرجح استمرار التصعيد في الأسابيع المقبلة.