“خبراء: مبادرات تمويلية جديدة لدعم الصناعة وزيادة الصادرات خطوة لتحقيق الاكتفاء الذاتي”

أكد الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، على أهمية أن تكون المبادرات التمويلية التي تسعى الدولة لإطلاقها في المرحلة المقبلة قائمة على رؤية اقتصادية متكاملة، تأخذ في الاعتبار تقييم شامل لحجم الصناعة الوطنية، وتحديد القطاعات ذات الأولوية التي تحتاج إلى دعم مباشر.
وأشار الشافعي في تصريح خاص لـ”العالم في دقائق” إلى أن نجاح هذه المبادرات يرتبط بمدى قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية، إلى جانب تقليص فاتورة الاستيراد، وزيادة حجم الصادرات، وهي عناصر من شأنها إحداث نقلة نوعية في أداء الاقتصاد المصري على مستوى الناتج المحلي والميزان التجاري.
خفض الواردات وزيادة التصدير لتحسين الميزان التجاري
وأوضح الشافعي أن المبادرات التمويلية يجب أن تُصمم بهدف إحداث تحول هيكلي في الاقتصاد الصناعي، بحيث تركز على المشروعات التي تسهم في تغطية الطلب المحلي، وتقليل الاعتماد على السلع المستوردة، إلى جانب توجيه الموارد نحو القطاعات القادرة على التصدير إلى الأسواق الإقليمية والدولية.
وأضاف أن تقليص العجز في الميزان التجاري هو هدف استراتيجي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتوسيع القاعدة الصناعية، موضحًا أن أي تحسن في الصادرات سيعني مباشرة زيادة في تدفق العملة الصعبة، وتحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي
مبادرات لتمويل الصناعة بأسعار فائدة مخفضة
من جانبه، قال أحمد زكي، الأمين العام لشعبة المصدرين، إن الحكومة المصرية بدأت بالفعل خطوات جادة نحو إطلاق حزمة من المبادرات التمويلية تستهدف دعم القطاعات الصناعية الإنتاجية، وعلى رأسها تمويل رأس المال العامل بفائدة 15%، بالإضافة إلى مبادرات خاصة لدعم قطاع الأدوية بأسعار فائدة أقل من السوق.
وأكد زكي أن مثل هذه المبادرات تُعد ضرورية لتعزيز قدرة الصناعة المصرية على المنافسة عالميًا، مشيرًا إلى أن الهدف الاستراتيجي يجب أن يكون رفع قيمة الصادرات إلى نحو 60 مليار دولار سنويًا خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو رقم يعكس طموحات الدولة في زيادة قدرتها التصديرية.
توسيع نطاق المبادرات وشمول المزيد من المصانع
أوضح زكي أن النجاح الحقيقي لأي مبادرة تمويلية يتمثل في توسيع نطاقها ليشمل أكبر عدد ممكن من المصانع والمنشآت الصناعية، مع التركيز على تمويل شراء المعدات والتكنولوجيا الحديثة، ومدخلات الإنتاج التي تسهم في رفع كفاءة التصنيع.
وبيّن أن هذه الإجراءات ستنعكس إيجابًا على نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، والتي يمكن رفعها من 17% حاليًا إلى 30% إذا ما تم توفير التمويل المناسب، وتسهيل الإجراءات أمام المصنعين والمستثمرين.
دعم القطاعات ذات الأولوية لتحقيق رؤية مصر 2030
شدد زكي على ضرورة توجيه المبادرات التمويلية نحو القطاعات الصناعية ذات الأولوية، مثل الصناعات الغذائية، والدوائية، والهندسية، وغيرها من المجالات التي تمتلك إمكانات تصديرية قوية وأسواقًا واعدة.
كما دعا إلى إدماج قطاعات جديدة غير تقليدية ضمن خطط الدعم، وتعزيز البنية التحتية الصناعية الوطنية من خلال تحسين المناطق الصناعية، وتوفير الخدمات اللوجستية، بما يُحقق الأهداف الطموحة لرؤية مصر 2030 في التحول نحو اقتصاد إنتاجي مستدام
نظرة تحليلية: التمويل الإنتاجي هو مفتاح النمو
تُظهر التصريحات الصادرة عن خبراء الاقتصاد والصناعة أن التمويل الموجّه نحو الإنتاج الحقيقي هو العامل الأساسي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام. فالتحول من الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن الاستيراد إلى التصدير، يحتاج إلى دعم مالي ذكي وموجّه، مع سياسات واضحة لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد الوطنية.
وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية، فإن هذه المبادرات تُعد فرصة حقيقية لتعزيز القدرة التنافسية للصناعة المصرية، وتحقيق نقلة تنموية تنعكس على النمو، والتوظيف، وتحسين معيشة المواطنين.