رويترز: تصعيد عسكري في غزة

تواصل غزة دفع ثمنًا باهظًا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة، حيث يواصل الجيش استهداف المدينة ومحيطها بضربات عنيفة تطال الأنفاق والمباني المحصنة وحتى الأبراج السكنية. وفي ظل هذه التطورات، أكدت وزارة الصحة في غزة أن القصف الأخير أسفر عن مقتل 60 فلسطينيًا على الأقل خلال يوم واحد، فيما تتزايد أعداد النازحين بشكل غير مسبوق. يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه التحركات الدبلوماسية الدولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا. وبين القصف المستمر والتجاذبات السياسية، يعيش سكان القطاع أزمة إنسانية خانقة تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.
هجوم شامل على غزة ومحيطها
كثف الجيش الإسرائيلي عملياته في مدينة غزة والضواحي الشرقية، مستهدفًا مناطق مثل الشيخ رضوان وتل الهوى التي اعتبرها بؤرًا استراتيجية لحركة حماس. ووفقًا للمصادر العسكرية، تم تدمير ما يقارب 20 برجًا سكنيًا خلال الأسبوعين الماضيين، في محاولة لتمهيد الطريق أمام التقدم البري نحو وسط وغرب المدينة. وبحسب الرواية الإسرائيلية، تهدف هذه العمليات إلى شل القدرات القتالية لحماس عبر استهداف الأنفاق والمراكز المحصنة. غير أن الكلفة الإنسانية لهذه الضربات تزداد يومًا بعد يوم، مع تصاعد الغضب الدولي تجاه حجم الدمار والخسائر البشرية الناتجة عنها.
اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية يلوح في الأفق
على الصعيد السياسي، تزامنت العمليات العسكرية مع تحركات دولية لافتة، إذ تستعد عشر دول، من بينها أستراليا وبلجيكا وبريطانيا وكندا، للاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية يوم الاثنين المقبل. ويأتي هذا القرار قبيل اجتماع مرتقب لقادة الأمم المتحدة، ما يضفي زخمًا دبلوماسيًا جديدًا على القضية الفلسطينية. مراقبون يرون أن الخطوة تحمل دلالات رمزية مهمة قد تزيد الضغط على إسرائيل، فيما يعتبرها آخرون مجرد تحرك سياسي لا يغير موازين القوى على الأرض. ومع استمرار التصعيد، يبقى السؤال الأهم: هل ينجح هذا الاعتراف في وقف نزيف الدم الفلسطيني أم يظل مجرد ورقة تفاوضية؟
نزوح واسع وتحذيرات حول الرهائن
أدت العمليات العسكرية الأخيرة إلى موجات نزوح ضخمة داخل غزة، إذ تشير التقديرات الإسرائيلية إلى مغادرة أكثر من نصف مليون شخص منذ مطلع سبتمبر. في المقابل، تقلل حركة حماس من حجم هذه الأرقام مؤكدة بقاء نحو 900 ألف فلسطيني داخل المدينة، بينهم عدد من الرهائن الإسرائيليين. ووسط هذا الجدل، نشرت الحركة عبر منصات التواصل صورًا للرهائن، محذرة من أن حياتهم معرضة للخطر مع استمرار القصف. هذه الورقة تضع إسرائيل أمام معضلة إنسانية وأمنية في آن واحد، إذ تجد نفسها بين خيار استمرار العمليات العسكرية وضغوط إنقاذ الأسرى.
دمار شامل وأزمة إنسانية متفاقمة
منذ 11 أغسطس، تعرض أكثر من 1,800 مبنى سكني للدمار أو الأضرار البالغة بفعل القصف الإسرائيلي، كما تضررت ما يزيد على 13 ألف خيمة تؤوي نازحين بلا مأوى. وتشير الإحصاءات إلى أن حصيلة القتلى الفلسطينيين تجاوزت 65 ألفًا خلال نحو عامين من القتال المتواصل، في حين تواصل أعداد النازحين الارتفاع بوتيرة سريعة. وفي ظل هذه الأوضاع، يعاني المدنيون من انعدام الأمن الغذائي ونقص حاد في المياه والدواء، وسط تحذيرات منظمات إنسانية من كارثة متفاقمة. ومع غياب أفق سياسي واضح، يبدو أن الكلفة الإنسانية مرشحة للتصاعد أكثر في الفترة المقبلة.
إسرائيل تنفي الاتهامات وتتهم حماس
في مواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة، تصر إسرائيل على أن أزمة الجوع في غزة مبالغ فيها إلى حد كبير، وتلقي بالمسؤولية على حركة حماس التي تتهمها بالاستيلاء على المساعدات وتوظيفها لأغراض عسكرية. أما السلطة الفلسطينية ومنظمات الإغاثة فتؤكد أن الجيش الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الأساسية عن تدهور الأوضاع الإنسانية بسبب الحصار والقصف المكثف. وبين الروايتين، يبقى المدنيون الضحية الأولى، عالقين في مواجهة حرب طويلة الأمد تحاصرهم بين الجوع والخوف والدمار، فيما يغيب الحل السياسي العاجل الذي قد يضع حدًا لهذه المأساة المستمرة.