عربي وعالمي

ماسك يتراجع بعد اشتباك ناري مع ترامب: هل نجحت المصالحة في إنقاذ إمبراطوريته الصناعية؟

بعد تهديدات رئاسية هزّت أسواق المال، إيلون ماسك يعترف بـ"تجاوز الحدود" في خلافه مع ترامب، وسط وساطات رفيعة ومخاوف من انتقام قد يكلفه المليارات.

بعد تهديدات رئاسية هزّت أسواق المال، إيلون ماسك يعترف بـ”تجاوز الحدود” في خلافه مع ترامب، وسط وساطات رفيعة ومخاوف من انتقام قد يكلفه المليارات.

في مشهد غير مألوف حتى في عالم السياسة الأميركية الصاخب، تصدّر الخلاف العلني بين الملياردير إيلون ماسك والرئيس دونالد ترامب العناوين، وبعد أيام من التصعيد المتبادل الذي هدد ليس فقط مستقبل شركات ماسك، بل توازن العلاقة الدقيقة بين السلطة التنفيذية وأحد أبرز رموز وادي السيليكون.

جر الأربعاء، حاول ماسك احتواء الأزمة بتصريح علني على منصة “إكس”، قال فيه: “أندم على بعض منشوراتي حول الرئيس realDonaldTrump الأسبوع الماضي… لقد تجاوزت الحدود”. والتصريحٌ أتى بعد وساطة من نائب الرئيس جيه دي فانس وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، بحسب مصدر مطلع تحدث لـ”واشنطن بوست”.

من خلاف اقتصادي إلى تهديد وجودي

بدأ الخلاف بين الطرفين حين انتقد ماسك مشروع قانون ضريبي تدعمه إدارة ترامب، واصفاً إياه بـ”الفظاعة المقززة” التي ستدفع البلاد نحو حافة الإفلاس. وماسك لم يكتفِ بالانتقاد الاقتصادي، بل دعا علناً إلى إقالة ترامب وألمح إلى إطلاق حزب ثالث، في تحدٍ سياسي مباشر لرئيس البلاد.

ترامب، المعروف بعدم تساهله مع الانتقادات، ردّ بقوة مهاجماً ماسك شخصياً، ومهدداً بمراجعة العقود الفيدرالية التي تعتمد عليها شركات مثل Tesla وSpaceX. وفي مكالمة هاتفية مسرّبة، وصف ترامب ماسك بـ”مدمن مخدرات كبير”، ملمّحاً إلى نية فرض عقوبات مباشرة على مشاريعه المدعومة فيدرالياً.

الأسواق تترنح: “تسلا” تدفع الثمن

لم يكن الخلاف بلا تكلفة. إذ هبطت أسهم تسلا بنسبة 14% في خضم الأزمة، ما أثار ذعر المستثمرين. وقال دان آيفز من شركة “ويدبوش” إن التهديدات الرئاسية “أثارت مخاوف وجودية حقيقية حول مستقبل تسلا، خاصة في قطاع القيادة الذاتية”. وفي الوقت ذاته، كانت SpaceX على وشك إطلاق مهمات جديدة لصالح ناسا والبنتاغون، ما جعل أي تحرك رئاسي ضدها بمثابة زلزال في قطاع الفضاء الأميركي.

مناورة تراجعية… ولكن بحذر

ماسك، الذي لطالما عرف بمواقفه الجريئة، يبدو أنه قرأ المشهد بواقعية هذه المرة. فإلى جانب البيان العلني، تقول “نيويورك تايمز” إنه أجرى اتصالاً مباشراً مع ترامب مساء الإثنين، في محاولة لخفض حدة التوتر. وفي منشور لاحق  تم حذفه  ألمح ماسك إلى وجود ملفات تتعلق بترامب وجيفري إبستين، وهدد بوقف التعاون مع وكالة ناسا عبر مركبة “دراغون”، لكنه ما لبث أن تراجع عن هذه التصريحات. ويرى المستثمر روس جيربر أن هذا التراجع “محاولة ذكية لحفظ ماء الوجه”، مضيفاً: “ماسك تعلّم بالطريقة الصعبة أن ترامب يمكن أن يدمّره… لكن ترامب لا ينسى”.

 

العلاقة المستقبلية: مصالح متبادلة أم هدنة مؤقتة؟

رغم هذا التراجع الظاهري، إلا أن كثيرين يشككون في مدى متانة المصالحة. ففي تصريح لصحيفة “نيويورك بوست”، أبدى ترامب انفتاحه على التصالح لكنه قلل من أهمية ماسك قائلاً:”ربما يمكنني ذلك، لكن أولويتي الآن هي إنقاذ البلاد… ولم أفكر كثيراً في أمره مؤخراً”. والتصريح يحمل في طيّاته رسالة واضحة: ترامب لا يضع ماسك في صدارة اهتماماته، لكن إن اقتضت الضرورة السياسية أو الاقتصادية، فلا شيء يمنعه من العودة إلى المواجهة.

ما التالي؟

في ظل اعتماد شركات ماسك على التمويل الفيدرالي، فإن بقاء العلاقة مستقرة مع الإدارة الأميركية، أياً كان الرئيس، أمر حيوي. التاكسي الذاتي الذي تنوي Tesla إطلاقه في 22 يونيو الجاري سيكون اختباراً حياً لمدى تأثر أعماله بالأجواء السياسية المتوترة. ويبقى السؤال الأهم: هل هذا التراجع يمثل نهاية أزمة عابرة، أم بداية لمعادلة جديدة في العلاقة بين السلطة السياسية وعمالقة التكنولوجيا؟

الإجابة على الأرجح ستُكتب في الشهور القادمة… على وقع قرارات رئاسية، وأسواق مضطربة، وتصريحات قد تعود لتشعل النار مجددًا.

سولين غزيم

صحفية سورية متخصصة فى الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى