عربي وعالمي

هل تنجح صداقة ترامب وكيم في تحقيق اختراق دبلوماسي حقيقي؟

العلاقة الشخصية بين الزعيمين لا تكفي لتجاوز خلافات المصالح العميقة.

بينما تنشغل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بملفات دولية ساخنة، مثل الحرب الإسرائيلية–الإيرانية، وأزمة أوكرانيا، وتنامي التحدي الصيني، يظل ملف كوريا الشمالية شبه مُجمَّد. ومع تكرار الحديث عن لقاء محتمل جديد بين ترامب وكيم جونغ أون، يعود التساؤل القديم: هل يمكن لعلاقتهما الشخصية أن تؤدي لاختراق دبلوماسي حقيقي؟

الجواب الأقرب للواقع: لا. فكيم يسعى للاعتراف به كزعيم نووي شرعي، بينما يهتم ترامب بالعرض الإعلامي أكثر من التوصل لاتفاق حقيقي، ما يُضعف فرص أي تقدّم جدي.

كيم في عزلة دولية… ويبحث عن نافذة للخروج

لم تعد كوريا الشمالية تمثل أولوية استراتيجية للغرب خلال العامين الأخيرين، ما زاد من عزلة نظام كيم. حتى الحوادث العسكرية، كغرق إحدى السفن خلال عرض رسمي، أصبحت مادة للسخرية. لذلك، فإن أي لقاء مع ترامب سيُستغل داخليًا وخارجيًا من قبل كيم لكسر العزلة، وليس لتقديم تنازلات، بل لتعزيز شرعيته كقائد دولة نووية.

 غياب استراتيجية أمريكية واضحة تجاه بيونغ يانغ

منذ بداية ولايته، لم يقدّم ترامب سياسة متماسكة تجاه كوريا الشمالية، بل اكتفى باللقاءات الرمزية والتصريحات العامة. ورغم دفع بعض مستشاريه نحو تبني نهج يعتمد على حقوق الإنسان والعقوبات الاقتصادية، لم يُظهر ترامب رغبة فعلية في سلوك هذا الطريق المعقّد.

 لقاء ممكن… دون نتائج واقعية

ورغم الفتور الحالي في العلاقات، فإن احتمال عقد لقاء جديد بين ترامب وكيم في أواخر 2025 يبقى قائمًا، خاصة مع مهارة الطرفين في تسويق اللقاءات إعلاميًا. لكن التناقض بين مطالب الطرفين –نزع السلاح النووي مقابل الحفاظ عليه– يجعل من أي حوار مجرّد عرض دبلوماسي بلا مضمون.

كيم يواصل التسلّح… دون نية للتنازل

لا مؤشرات على استعداد كيم للتخلي عن برنامجه النووي، بل العكس تمامًا: يواصل تطويره، متحديًا الرقابة الدولية. ويعتمد الزعيم الكوري على استراتيجية “الابتزاز النووي”، من خلال تصعيد التهديدات مقابل وعود بمكاسب اقتصادية دون تقديم تنازلات فعلية.

 تقليص القوات الأمريكية كورقة تفاوضية بيد ترامب

تقارير عديدة تحدثت عن نية ترامب تقليص عدد القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، كوسيلة جذب لبيونغ يانغ. لكن تقديم هذه الورقة دون مقابل واضح –كالسماح بتفتيش المنشآت النووية أو تحسين ملف حقوق الإنسان– يُعد خسارة استراتيجية لأمريكا لا يمكن تعويضها.

 تعليق المناورات العسكرية… دون ضمانات

من السيناريوهات المطروحة تعليق التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، لتهدئة قلق كيم. إلا أن القيام بهذه الخطوة دون التزامات ملموسة من بيونغ يانغ يجعلها مجرد مغازلة دبلوماسية لا تحقق نتائج عملية.

 تحذيرات من استراتيجية كيم بعيدة المدى

يرى عدد من المسؤولين الأمريكيين السابقين –منهم الكولونيل ديفيد ماكسويل– أن هدف كيم الحقيقي لا يتمثل في تحسين العلاقات، بل في تفكيك التحالف الأمريكي–الكوري الجنوبي. ويستخدم في ذلك أدوات متنوعة مثل الحرب السيبرانية، والدعاية السياسية، والمناورات العسكرية.

استمرار الجمود السياسي… لا حلول تلوح في الأفق

في ظل تمسّك كل طرف بمواقفه، يغيب أي احتمال لاختراق دبلوماسي حقيقي. فترامب لا يريد الظهور بمظهر الضعيف، وكيم يرفض التنازل عن سلاحه النووي. وبالتالي، أي لقاء قادم سيكون إعلاميًا فقط، من دون نتائج جوهرية على الأرض.

خلاصة التقرير

رغم مظهر “الصداقة” بين ترامب وكيم، إلا أنها لا ترتقي إلى مستوى العلاقات القادرة على إنتاج حلول فعلية. فكيم يسعى للاعتراف الدولي بسلاحه، وترامب يريد مكاسب إعلامية دون تنازلات حقيقية. وفي ظل هذه المعادلة، تبقى كوريا الشمالية نووية ومعزولة، وتظل السياسة الأمريكية تتسم بردّ الفعل أكثر من المبادرة.

اقرأ أيضاً:

وزراء بريطانيون يرفضون كشف أسماء الشركات الإعلامية التي مارست ضغوطًا بشأن قوانين ملكية الصحف.

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى