المدونةعلوم وتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يهدد وظائفنا لكنه يفتح أبوابًا لمهن جديدة تمامًا

رغم مخاوف فقدان الوظائف، الذكاء الاصطناعي سيخلق فرصًا غير مسبوقة للبشر.

 

في بعض المجالات الحيوية، سيظل دور الإنسان لا غنى عنه رغم صعود الآلات.

مقدمة: تجربة شخصية مع الذكاء الاصطناعي في كتابة هذا المقال

أبدأ باعتراف شخصي: حاولت أن أكتب هذا المقال باستخدام الذكاء الاصطناعي. طلبت من “ChatGPT” في وضع “البحث العميق” أن يقدّم تقريرًا عن الوظائف الجديدة التي قد تظهر نتيجة لتطور الذكاء الاصطناعي.

جاءني الرد بتقرير مكوّن من 6000 كلمة، مقسّم حسب القطاعات المختلفة. بعد ذلك، أدرجت التقرير في نموذج “ChatGPT-4o” مع تعليمات تحريرية، وأضفت بعض الدراسات الحديثة حول مستقبل العمل، ثم طلبت صياغة المقال بأسلوب مجلة “نيويورك تايمز”.

نتيجة التجربة: مقال مكتمل في 90 دقيقة… لكن!

المقال الذي أُنتج خلال ساعة ونصف كان جيدًا، بل إنه ممتع ومليء بالمعلومات، رغم أن بعض الوظائف التي وردت فيه كانت خيالية، مثل “مستشار العلاقات الاصطناعية” — وهو شخص يتدخل عندما يقع أحدهم في حب ذكاء اصطناعي!ورغم ذلك، كانت المقالة تبدو ملائمة للنشر، ويمكن أن تخدع أي قارئ عادي.

لماذا لم أنشر النسخة التي كتبها الذكاء الاصطناعي؟

السبب بسيط: لو فعلت، لفُصلت من عملي. السبب الأعمق أن معظم الاقتباسات والخبراء المذكورين في النسخة كانوا مختلقين. حتى لو كانت دقيقة، فإن نشرها سيكون دليلاً على فهم مغلوط لطبيعة عملي.

في الصحافة، كما في مجالات كثيرة، لا يُدفع لك مقابل عدد الكلمات، بل مقابل مسؤوليتك عن مضمونها: الحقائق، التحليل، الأسلوب، والعدالة. هذا المقال يحمل اسمي، أي أنني مسؤول عنه، وهي مسؤولية لا يمكن تفويضها للآلة.

التشاؤم يتزايد: هل الذكاء الاصطناعي خطر على الوظائف؟

الكثير من المحللين والمستثمرين أصبحوا أكثر تشاؤمًا.

على سبيل المثال، قال المستثمر كريس ساكا في بودكاست تيم فيريس: “نحن في ورطة كبيرة!”، متوقعًا نهاية مهن مثل البرمجة، المحاماة، المحاسبة، والتسويق.

حتى ميشا كوفمان، المدير التنفيذي لمنصة “Fiverr”، أضاف المصممين وموظفي المبيعات إلى القائمة.

ما يغيب عن التشاؤميين: الذكاء الاصطناعي لا يتحمّل المسؤولية

رغم تطور الذكاء الاصطناعي، يبقى عنصر “المسؤولية” عائقًا أمامه.

الوظائف لا تُختزل في تنفيذ المهام فقط، بل تتطلب تفاعلًا بشريًا، فهمًا عميقًا، وإمكانية المحاسبة، وهو ما لا تستطيع الخوارزميات تقديمه بالكامل.

اضطرابات سوق العمل قادمة… لكن معها فرص جديدة

وفقًا لـ”آنيش رامان” من لينكدإن، فإن 70% من المهارات في الوظائف الحالية ستتغير بحلول عام 2030.

كما تتوقع منظمة العمل الدولية اختفاء 9 ملايين وظيفة بحلول 2030، لكنها ترى في الوقت ذاته أن الذكاء الاصطناعي سيخلق نحو 11 مليون وظيفة جديدة.

ثلاثة مجالات رئيسية لا يستطيع الذكاء الاصطناعي الاستغناء عن البشر فيها

رغم التقدم، هناك ثلاث فئات وظيفية سيظل البشر فيها عنصرًا أساسيًا:

1. مجال الثقة (Trust)

مدققو الذكاء الاصطناعي: يتحققون من دقة وشفافية قرارات الأنظمة الذكية.

مترجمو الذكاء الاصطناعي: يفسرون الخوارزميات للمديرين غير التقنيين.

موثقو الثقة: يراجعون المستندات التي أُنتجت آليًا للتأكد من صحتها.

ضباط التصعيد: يتدخلون عندما يفشل الذكاء الاصطناعي في التعامل مع المستخدمين، مثل الطلاب أو العملاء.

2. مجال التكامل (Integration)

مدمجو الذكاء الاصطناعي: يحددون كيف وأين يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات.

فنيو صيانة الذكاء الاصطناعي: مسؤولون عن إصلاح الأعطال المعقدة في الأنظمة الذكية.

مصممو شخصية الذكاء الاصطناعي: يصيغون أسلوب تفاعل النظام بما يتماشى مع هوية المؤسسة.

خبراء التوافق العلاجي: يساعدون المرضى على الالتزام بالخطة العلاجية من خلال أنظمة ذكية مخصصة.

3. مجال الذوق والإبداع (Taste)

مصممو المحتوى الإبداعي: يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتوليد أفكار وقصص تعكس ذوقهم الخاص.

مخططو الموارد البشرية: يصممون ثقافة الشركة اعتمادًا على أدوات الذكاء الاصطناعي.

مبتكرو التمايز: يبتكرون طرقًا جديدة لتمييز العلامة التجارية وسط سوق متشابه.

الخلاصة: الذكاء الاصطناعي لا ينهي عمل الإنسان… بل يعيد تعريفها 

رغم أن بعض المهارات التقليدية قد تختفي، فإن الذكاء الاصطناعي يفتح الباب أمام دور جديد للبشر، أكثر إبداعًا واستراتيجية.

كما قال الباحث إريك برينجولفسون: “سنصبح جميعًا مدراء تنفيذيين لفرق من وكلاء الذكاء الاصطناعي”.

نحن من نصنع المستقبل، فلنجعله أكثر ذكاءً… وإنسانية أيضًا.

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى