عرب وعالم

تصعيد إسرائيلي جديد بالضفة الغربية وسط تحذيرات أممية

تتصاعد حدة التوتر في الضفة الغربية مع تكثيف جيش الاحتلال الإسرائيلي إجراءاته العسكرية والتوسعية، في وقتٍ تتزايد فيه التحذيرات الأممية من تداعيات خطيرة على المدنيين الفلسطينيين. فمع اقتراب الأعياد اليهودية والاعتراف المتوقع بالدولة الفلسطينية، قرر الجيش الإسرائيلي الدفع بثماني سرايا إضافية إلى مناطق مختلفة من الضفة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها مؤشر على استعداد لمزيد من التصعيد. وفي السياق نفسه، كشف تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” عن انتهاكات واسعة، شملت إقامة حواجز جديدة وهدم منازل وارتفاع وتيرة اعتداءات المستوطنين، ما يزيد من معاناة السكان الفلسطينيين ويعمق من القيود المفروضة على حياتهم اليومية.

 

تعزيزات عسكرية مع اقتراب الأعياد

 

أعلنت إذاعة جيش الاحتلال أن السلطات قررت الدفع بثماني سرايا إلى الضفة الغربية لتعزيز السيطرة على المناطق الفلسطينية خلال الفترة المقبلة. ويأتي القرار وسط أجواء متوترة تزامناً مع مناسبات دينية وسياسية حساسة. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن هذه التعزيزات تهدف إلى مواجهة ما تصفه تل أبيب بـ”المخاطر الأمنية المتزايدة”، في حين يرى الفلسطينيون أن الخطوة امتداد لسياسات القمع والتوسع العسكري. وبالتوازي مع ذلك، واصلت القوات الإسرائيلية إقامة الحواجز العسكرية والقيود على الحركة، ما أدى إلى مزيد من العرقلة للحياة اليومية للفلسطينيين وزيادة الاحتقان في الشارع.

 

27 حاجزًا جديدًا يخنق الحركة

 

أكد تقرير “أوتشا” أن القوات الإسرائيلية أقامت خلال أسبوع واحد ما لا يقل عن 27 حاجزًا حديديًا في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، وهو ما تسبب في شل حركة الفلسطينيين بشكل كبير. وتؤدي هذه الإجراءات إلى مضاعفة أوقات التنقل وتعقيد الوصول إلى أماكن العمل والتعليم والرعاية الصحية. ويرى مراقبون أن هذه السياسة تعكس استراتيجية منظمة تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية وزيادة السيطرة على تحركات السكان. كما يعاني الفلسطينيون يومياً من عمليات التفتيش المهينة والتدقيق الأمني على هذه الحواجز، التي باتت جزءاً من روتين حياتهم المفروض قسراً.

 

تصاعد اعتداءات المستوطنين

 

أفاد التقرير الأممي بأن المستوطنين نفذوا 25 اعتداءً خلال أسبوع واحد فقط، استهدفت الفلسطينيين بشكل مباشر عبر هجمات جسدية وتخريب ممتلكاتهم. وتتزامن هذه الاعتداءات مع صمت رسمي إسرائيلي، وسط اتهامات بتوفير غطاء سياسي وأمني للمستوطنين. من جانبهم، عبّر الفلسطينيون عن قلق متزايد من اتساع رقعة العنف المرتبط بالمستوطنات، مؤكدين أن هذه الاعتداءات لم تعد مجرد حوادث فردية، بل نهج متصاعد لترهيب السكان ودفعهم إلى النزوح القسري. وتؤكد منظمات حقوقية أن هذا النمط من العنف يشكل خرقًا صارخًا للقانون الدولي ويمثل سياسة ممنهجة لإضعاف الوجود الفلسطيني.

اقتحامات جيش الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية المحتلة

هدم المنازل وتشريد العائلات

 

أشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن السلطات الإسرائيلية هدمت أو أغلقت ثمانية منازل وثلاثة مبانٍ إضافية في الضفة الغربية خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى تهجير 38 شخصًا، بينهم عدد كبير من الأطفال. هذه العمليات تتم غالبًا دون توفير بدائل سكنية أو مراعاة للظروف الإنسانية للعائلات المتضررة. ووفق شهادات محلية، يرافق عمليات الهدم عادة وجود عسكري مكثف وإجراءات قمعية تمنع السكان من الاعتراض أو حتى إنقاذ ممتلكاتهم. وتعتبر الأمم المتحدة أن هذه الممارسات تتعارض مع القانون الدولي الإنساني وتشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، داعية إلى وقفها فوراً.

 

دعوات أممية لاحترام القانون الدولي

 

في ظل هذا التصعيد، تواصل الأمم المتحدة مطالبتها إسرائيل باحترام التزاماتها القانونية الدولية وحماية المدنيين في الأراضي المحتلة. وحذرت المنظمة من أن استمرار القيود العسكرية، والاعتداءات المتزايدة للمستوطنين، وسياسات الهدم والتهجير، يهدد بتفجير موجة جديدة من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة. ويرى مراقبون أن استمرار هذا النهج من جانب الاحتلال يعكس تجاهلاً متعمداً للدعوات الدولية المتكررة، ويكرّس واقعًا ميدانيًا يسعى لتغيير هوية الأرض وفرض وقائع جديدة على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.

اقرأ أيضاً

لعنة الحرب على غزة.. إسرائيل تواجه نزيف الهجرة 

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى