شخصيات و شركات ملهمة

أنجيليكا هيوستن: 9 أدوار صنعت أسطورة امرأة لا تُنسى في هوليوود

أنجيليكا هيوستن: حضور لا يُنسى وأدوار لا تُشبه غيرها

في عالم تتغيّر فيه نجمات الشاشة كما تتغيّر صيحات الموضة، تبقى أنجيليكا هيوستن ثابتة كعلامة مسجلة في فن الأداء. لم تكن مسيرتها مجرد رحلة في التمثيل، بل كانت تجربة سينمائية متكاملة امتدت لعقود، صقلت خلالها شخصيات لا تُنسى، وقدمت أداءات اتسمت بالقوة، والغموض، والذكاء، وحتى السخرية السوداء. من الجوائز إلى الشخصيات الخارقة، من الكوميديا العائلية إلى التراجيديا المعاصرة، تنقلت هيوستن برشاقة نادرة جعلتها واحدة من أعمدة التمثيل الأمريكي الحديث.

في هذا التقرير، نستعرض تسعة من أبرز أدوارها التي جسّدت من خلالها براعتها وتمردها على الأنماط التقليدية، وساهمت في ترسيخ مكانتها كأيقونة سينمائية فريدة.

 “Prizzi’s Honor” (1985): عندما تُسكت الموهبة كل اتهام بالمحاباة

في هذا الفيلم الذي أخرجه والدها جون هيوستن، وشاركت بطولته مع شريك حياتها حينها جاك نيكلسون، كانت الأعين متجهة إلى أنجيليكا وسط همسات حول “الواسطة”. لكنها قلبت الطاولة على الجميع بأداء ناري لشخصية “مايروز”، الابنة الماكرة في عائلة مافيا تحاول استعادة حبيبها. الدور منحها أول أوسكار، وجعلها ثالث فرد من آل هيوستن ينال التمثال الذهبي، والأهم، أثبت موهبتها في قلب كل مشهد تظهر فيه.

زوجة الأب الشريرة… هيوستن بدور البارونة رودميلا دي غينت، في فيلم “إيفر أفتر”. الصورة: توينتيث سينتشري فوكس/أولستار

 “The Witches” (1990): سحر مظلم بلهجة ألمانية

بمزيج فريد من الجاذبية والرعب، قدّمت هيوستن شخصية “الساحرة العظمى” في فيلم نيكولاس رويغ المقتبس من رواية رولد دال. بين لهجة ألمانية صارمة وتحول جسدي مرعب من توقيع “جيم هينسون”، خلقت أنجيليكا شخصية لا تُنسى في ذاكرة الطفولة. إنها ساحرة مغرية وخطيرة، امرأة متحكمة في كل ما حولها حتى وهي تخيف الصغار وتحكم عالماً خفيًا من الشر.

 “The Addams Family” (1991): مورتيسيا… السخرية السوداء في أبهى صورها

من الصعب التفكير في مورتيسيا آدامز دون تذكر أنجيليكا هيوستن. أداؤها البارد والحسي في آن، أعاد تعريف الكوميديا القوطية للعائلة الغريبة. بين النظرات المائلة وجملتها الشهيرة “لا تعذب نفسك، جوميز. هذا عملي”، منحت هيوستن الشخصية بعدًا فلسفيًا ساخرًا، وجعلت من الفيلم أكثر من مجرد استعراض ظرافة: إنه احتفال بالموت والحياة والزواج الأبدي.

محتالون صغار… مع جون كوزاك في فيلم “المحتالون”. تصوير: بالاس فيلمز/أولستار

 “The Royal Tenenbaums” (2001): أم وسط عبث العباقرة

في عالم ويس أندرسون الغرائبي، أدّت هيوستن دور “إيثلين”، الأم الأكاديمية العاطفية والمتحفظة، التي تحاول الحفاظ على توازن عائلتها المفككة. بأسلوبها الهادئ وطريقتها غير المتكلفة، أضافت دفئًا وإنسانية لشخصية محاطة بالغرابة. كان حضورها في قلب هذا الجنون بمثابة ركيزة واقعية وسط الألوان والغرائب.

 “The Grifters” (1990): خداع ودموع باردة

في فيلم نوار عصري من إخراج ستيفن فريرز، تلعب هيوستن دور “ليلي”، نصّابة محترفة وأم تعيش علاقة معقدة مع ابنها. بشعرها الأشقر المصبوغ ونظراتها القاسية، قدمت أداءً استثنائيًا جعلها مرشحة للأوسكار مجددًا. خلف الابتسامة المرتابة، كانت هناك مأساة كامنة، وقدرة هيوستن على كشفها بهدوء جعلت من الدور أحد أعظم تجلياتها التمثيلية.

غريب الأطوار… بن ستيلر، داني غلوفر، غوينيث بالترو، وأنجليكا هيوستن في فيلم “رويال تينينباومز”. تصوير: AJ Pics/Alamy

 “Crimes and Misdemeanors” (1989): على حافة الانهيار

في واحد من أكثر أفلام وودي آلن قتامة، تلعب هيوستن دور “دولوريس”، عشيقة مهجورة تهدد بكشف كل شيء، مما يدفع حبيبها إلى قرار مأساوي. أداؤها كان خاليًا من أية محاولات لاستدرار التعاطف، وهو ما جعله أكثر قوة. إنها امرأة محطمة، مريرة، حقيقية في هشاشتها، ومرعبة في يأسها.

 “Ever After” (1998): زوجة الأب الشريرة بنكهة إنسانية

في إعادة تخيلية لقصة سندريلا، جسّدت هيوستن “رودميلا دي غنت”، الزوجة القاسية التي تعاقب البطلة على استقلالها. لكنها فعلت ذلك بتعبيرات وجه معقدة ولهجة تمزج بين القسوة والانكسار. كانت “رودميلا” شخصية مركبة وليست مجرد شريرة كرتونية، ما جعل الأداء يتجاوز التوقعات في فيلم عائلي خفيف.

زوجة الأب الشريرة… هيوستن بدور البارونة رودميلا دي غينت، في فيلم “إيفر أفتر”. الصورة: توينتيث سينتشري فوكس/أولستار

 “Enemies: A Love Story” (1989): رومانسية على أنقاض الحرب

بأداء رقيق وعميق، قدمت هيوستن شخصية “تمارا”، إحدى زوجات لاجئ بولندي يعيش حياة مزدوجة في نيويورك ما بعد الحرب. كانت تمارا ضحية ومعترضة، امرأة خرجت من أهوال الهولوكوست لتعيش في ظل رجل مشتت. رغم أن الفيلم لم يضعها في مركزه، فإن هيوستن سرقت الأضواء وقدّمت واحدة من أكثر شخصياتها حساسية وصدقًا.

 “John Wick 3: Parabellum” (2019): سيدة العصابة الباردة

في عالم “جون ويك” العنيف، تلعب هيوستن دور “المديرة”، زعيمة منظمة روسية تتحدث بلهجة بيلا روسية حادة، وتدير معهدًا للباليه والتدريب القتالي في آن. رغم قصر ظهورها، فإنها فرضت حضورًا قويًا، وكان أداؤها بمثابة وعد بدور أكبر في السلسلة المقبلة. هيوستن هنا هي المعلمة والمُهدِّدة، امرأة لا تتردد في استخدام القسوة كأداة تدريب.

بين وهج السينما وظلال العمق

أنجيليكا هيوستن ليست فقط ابنة مخرج عظيم، ولا مجرد وجه مألوف في السينما. إنها ممثلة صنعت لنفسها مسارًا خاصًا، يتحدى التصنيف السهل. من الكلاسيكيات إلى التجريب، ومن الشرير الكاريكاتيري إلى الأم الرصينة، كانت دائمًا حاضرة بكامل أدواتها الفنية، وبكاريزما لا يمكن إنكارها. مشوارها لا يزال مستمرًا، وتاريخها لا يزال يمدّ الشاشة بظلال من العمق والدهشة.

 

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى