عربي وعالمي

نيويورك تايمز: ترحيل ثمانية مهاجرين إلى جنوب السودان بقرار من المحكمة العليا رغم تحذيرات من التعذيب

نيويورك تايمز

في تصعيد قانوني وسياسي مثير للجدل، رحّلت الولايات المتحدة، الجمعة الماضية، ثمانية مهاجرين إلى جنوب السودان بعد احتجازهم لأسابيع داخل قاعدة عسكرية أمريكية في جيبوتي، رغم اعتراضات قانونية وتحذيرات من تعرضهم للتعذيب. قرار الترحيل تم بعد تدخل عاجل من المحكمة العليا لصالح إدارة ترامب، ما أنهى معركة قضائية استمرت ستة أسابيع وأعادت الجدل حول صلاحيات السلطة التنفيذية في ترحيل مهاجرين إلى “دول ثالثة” لا ينتمون إليها.

الرحلة تنطلق رغم الطعون القضائية

غادرت طائرة عسكرية أمريكية قاعدة “ليمونييه” في جيبوتي مساء الجمعة بتوقيت واشنطن، حاملة المهاجرين الثمانية إلى جنوب السودان، حيث هبطت قبل منتصف الليل بقليل. الصورة التي نشرتها وزارة الأمن الداخلي أظهرت المهاجرين مكبلين بالأصفاد والأرجل، وسط عناصر أمنية أمريكية، في مشهد أثار غضب المدافعين عن حقوق الإنسان.

مخاوف من مصير مجهول في دولة منهارة

رغم أن الحكومة الأمريكية قالت إن جنوب السودان منح الرجال وضعًا قانونيًا مؤقتًا، إلا أن مصيرهم لا يزال مجهولًا. الدولة التي نالت استقلالها عام 2011 على شفا حرب أهلية، وتحذر وزارة الخارجية الأمريكية من السفر إليها بسبب “الخطر المرتفع من الجريمة والخطف والنزاع المسلح”.

احتجاز طويل داخل حاويات مبردة

المهاجرون الثمانية، وجنسياتهم تشمل فيتنام والمكسيك ولاوس وكوبا وميانمار، إضافة إلى واحد فقط من جنوب السودان، كانوا محتجزين داخل حاوية شحن مبردة في القاعدة الأمريكية. جميعهم أدينوا سابقًا بجرائم خطيرة داخل الولايات المتحدة، لكن بعضهم كان قد أنهى محكوميته أو على وشك إنهائها.

صراع قانوني حول مبدأ “الدولة الثالثة

القضية الأساسية تمحورت حول مدى قانونية ترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة ليست دولهم الأصلية، لا سيما إذا كانت هذه الدول غير آمنة. القانون الأمريكي والدولي يمنع ترحيل الأشخاص إلى بلدان قد يتعرضون فيها للتعذيب أو تهديد حياتهم، وهو ما أثار مخاوف محامي الدفاع الذين قدموا طعونًا عدة لمحاولة إيقاف العملية.

المحكمة العليا تتدخل لصالح ترامب

في موقف نادر، تدخلت المحكمة العليا مرتين خلال القضية، ومنحت الإدارة الضوء الأخضر لتنفيذ الترحيل. وأكد القاضي الفيدرالي بريان مورفي أن الدعوى الجديدة التي رفعها المهاجرون لا تختلف جوهريًا عن الدعوى السابقة التي رُفضت.

الإدارة تدافع… والمحامون ينددون

المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي رحّبت بقرار القضاء، قائلة إن “قاضيًا فيدراليًا لا يمكنه أن يفرض سياسته على الأمن القومي والخارجية الأمريكية”. في المقابل، نددت المحامية ترينا ريال موتو بما وصفته بـ”تجاهل تام لأوامر المحاكم من قبل الإدارة”، مضيفة أن المحكمة العليا “ترفع القيود عن السلطة التنفيذية”.

قاضٍ في واشنطن: لا يمكننا إرسال بشر إلى الخطر بقصد العقاب

في جلسة سابقة، قال القاضي الفيدرالي راندولف موس إن ترحيل أشخاص إلى أماكن قد يتعرضون فيها للأذى “بهدف العقاب أو الردع أمر غير مقبول أخلاقيًا وقانونيًا”، إلا أنه اضطر لاحقًا لإحالة القضية مجددًا إلى محكمة ماساتشوستس التي رفضت الطعن.

ضمانات دبلوماسية مقابل تحذيرات من التعذيب

رغم تقديم الحكومة الأمريكية “ضمانات دبلوماسية” من حكومة جنوب السودان بأن المهاجرين لن يُعذبوا، إلا أن محاميهم أصروا على أن هذه التعهدات غير كافية، خاصة في ظل الوضع الأمني المنهار داخل البلاد، وسجلها السيئ في حقوق الإنسان.

قضية مستمرة رغم الترحيل

ورغم تنفيذ الترحيل، تستمر القضية الجماعية التي ينظر فيها القاضي مورفي، والتي يمكن أن تحدد مستقبل آلاف المهاجرين الآخرين ممن قد يُرحلون إلى دول ثالثة. وبحسب التقرير، فإن أحد المدعين في القضية أعيد سابقًا من غواتيمالا بعد أن اعتبرت المحكمة ترحيله غير قانوني.

خاتمة: معركة لم تنته بعد

في ظل استمرار إدارة ترامب في تبني سياسات ترحيل قاسية ومثيرة للجدل، تبقى هذه القضية مثالًا صارخًا على الصراع المحتدم بين القضاء والبيت الأبيض حول حدود السلطة، وسيبقى مصير المهاجرين المرحّلين إلى دول تعاني من العنف والفوضى، اختبارًا أخلاقيًا وقانونيًا للسياسة الأمريكية في السنوات القادمة.

اقرأ ايضا

تصعيد متجدد في سماء روسيا وتحذيرات من هجوم روسي وشيك على خاركيف

 

منةالله خيري

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى