علوم وتكنولوجيا

حرب “التوصيل الفوري” تشتعل في الصين: معركة مليارية بين علي بابا، جيه دي، وميتوان

خصومات قاسية واستثمارات ضخمة تعيد أجواء "حروب القسائم" وسط تباطؤ اقتصادي وتراجع بثقة المستثمرين

في وقت تعاني فيه الصين من تباطؤ اقتصادي وضعف في ثقة المستهلك، اندلعت واحدة من أعنف المعارك التنافسية في سوق التجارة الإلكترونية، إذ دخلت شركتا علي بابا (Alibaba) وجيه دي دوت كوم (JD.com) في مواجهة مباشرة مع عملاق خدمات التوصيل ميتوان (Meituan) للهيمنة على قطاع “التجزئة الفورية”، الذي يُتوقع أن تتجاوز قيمته 200 مليار دولار بحلول 2030.

السباق الجديد يُعيد للأذهان “حروب القسائم” الشهيرة التي شهدتها الصين قبل عقد من الزمن، لكنه هذه المرة أكثر تكلفة وأشد ضراوة، خاصة أن جميع اللاعبين الرئيسيين باتوا يخوضونه من موقع الند للند، وبميزانيات دعم واستثمار ضخمة.

استثمارات ضخمة وسط تباطؤ الاقتصاد

خصصت علي بابا نحو 7 مليارات دولار لدعم خدمة “تاوباو شانغو”، وهي منصة التوصيل السريع التابعة لها.

جيه دي دوت كوم أعلنت عن استثمار 1.4 مليار دولار لتوسيع أعمالها في مجال توصيل الطعام، بعد دخولها السوق في فبراير الماضي.

أنفق الثلاثي (علي بابا، JD، ميتوان) نحو 3 مليارات دولار خلال الربع الثاني فقط على أنشطة التوصيل والبيع الفوري.

اقرا ايضا:

إسرائيل على صفيح ساخن: “المدينة الإنسانية” تفجّر انقسامًا بين الحكومة والجيش

خصومات “عدوانية” تعيد السوق إلى زمن حرب القسائم

تشهد المدن ك الصينية موجة غير مسبوقة من العروض والخصومات؛ فـJD تقدم قهوة وشاي فقاعات مقابل 0.25 دولار فقط، في حين كثّفت علي بابا حملاتها الإعلانية في كل مكان.

وقال أحد التنفيذيين في شركات التوصيل: “نعيش نسخة جديدة من حرب الأسعار التي شهدناها عام 2016، لكن هذه المرة القواعد تغيّرت والجميع يتجاوز حدوده”.

ميتيـوان: “سندافع عن السوق مهما كلفنا الأمر”

تسيطر ميتوان على نحو 70% من سوق توصيل الطعام في الصين، لكنها تواجه ضغطًا متصاعدًا من العملاقين الجديدين.

ردًا على ذلك، أعلنت الشركة أنها ستدافع عن موقعها “مهما كانت التكلفة”، ورفعت الخصومات، كما استثمرت في مطابخ مركزية لخفض التكاليف وتحسين سلامة الأغذية.

تأثير مباشر على أسهم الشركات

تراجعت أسهم علي بابا بنسبة 25% منذ منتصف مارس.

هبطت أسهم ميتوان بنسبة 35%، وجيه دي دوت كوم بنسبة 31% خلال الفترة نفسها.

يشع المستثمرون بالقلق من أن هذه الحرب ستستنزف الأرباح وتؤجل التعافي في بيئة استهلاكية ضعيفة.

الحكومة الصينية تراقب… لكن بصمت نسبي

طالب المدير التنفيذي لشركة ميتوان، وانغ شينغ، regulators بالتدخل لوقف “المنافسة غير الصحية”، محذرًا من أن “المعركة ستُشوّه السوق”.

ورغم لقاءات أجرتها السلطات مع مسؤولي شركات التوصيل في مايو الماضي، إلا أن التركيز التنظيمي لا يزال منصبًا على معارك التسعير في قطاع السيارات الكهربائية، أكثر من قطاع التوصيل.

من الفائز في النهاية؟

يقول المحللون إن ميتوان لا تزال تتمتع بأفضلية من حيث جودة الخدمة وتنوع المنتجات، لكن استمرار الخصومات قد يسمح لها بالاحتفاظ بولاء المستهلكين، حتى مع توقع انخفاض حصتها إلى 60% خلال العقد المقبل.

أما جيه دي فقد حققت قفزة نوعية، حيث سجلت 25 مليون طلب توصيل يوميًا بحلول يونيو، في عودة قوية بقيادة مؤسسها “ريتشارد ليو”.

هل تكون معركة “بيريك”؟

رغم أن كل من الشركات الثلاث يملك “جيوبًا عميقة” تتيح له الاستمرار في الحرب، إلا أن محللين مثل روبن زو من مؤسسة “برنشتاين” يحذرون من أن “من يفوز في النهاية، قد يخرج منتصرًا ولكن بتكلفة باهظة جدًا”.

فـ”النصر الباهظ” أو Pyrrhic Victory، كما يوصف تاريخيًا، قد ينطبق تمامًا على هذه المعركة الرقمية التي تُخاض في ظل اقتصاد هش وثقة مستهلك متأرجحة.

اقرا أيضاً :

لوحاتٌ من قيء الذباب: كيف حوّل فنانٌ المأساة والطبيعة إلى تجربة فنية مدهشة؟

 

الأء ياسين

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى