كانتاس تنهض من رماد الأزمات وتعود للتحليق بثقة وأرباح قياسية

بعد سنوات من الفضائح والمشكلات التشغيلية التي هزّت صورتها، استعادت شركة الطيران الأسترالية “كانتاس” توازنها، مدفوعة بتحسينات واسعة في الأداء والخدمة، بحسب ما أكّدته الرئيسة التنفيذية فانيسا هدسون في مقابلة مع فايننشال تايمز.
من أزمة إلى انتعاش: التحول تحت قيادة جديدة
تسلّمت هدسون منصبها العام الماضي وسط أزمات متتالية، أبرزها طرد غير قانوني لـ1,700 موظف خلال جائحة كورونا، واتهامات ببيع تذاكر لرحلات كانت الشركة قد ألغتها بالفعل، إلى جانب شكاوى متكررة من العملاء تتعلق بفقدان الأمتعة وصعوبة استرداد الأموال.
لكن منذ ذلك الحين، تحولت الصورة بشكل دراماتيكي، حيث وصل سهم الشركة إلى مستوى قياسي في يونيو، وقفزت الإيرادات بنسبة 9% إلى 12.1 مليار دولار أسترالي في النصف الثاني من 2023، فيما ارتفع صافي الأرباح إلى 923 مليون دولار أسترالي.
الانضباط التشغيلي وتحسين الخدمة يقودان الانتعاش
تقول هدسون إن تحسن الأداء والانضباط في الخدمة كانا وراء هذا الانتعاش. ووفقًا لبيانات حكومية، بلغت نسبة الرحلات التي انطلقت في موعدها 83% في مايو، مقارنة بـ50% فقط خلال بعض شهور عام 2022.
ساهم في هذا الإنجاز:
توظيف أكثر من 2,000 طيار ومضيف ومهندس خلال عامين.
تحسين جداول العمل والجدولة لتقليل التأخيرات.
استخدام الذكاء الاصطناعي لتوقع كميات الطعام المطلوبة على الرحلات، مثل “التوستيز” (الساندويتشات الساخنة)، لتقليل الهدر.
ثقافة جديدة داخل الشركة
رغم أن هدسون كانت تُعتبر شخصية تقليدية داخل الشركة، إلا أنها قادت تحولًا ثقافيًا واضحًا. فبعد أن اتُّهمت الإدارة السابقة بالتركيز على الأرقام فقط، قامت هدسون بضخ 230 مليون دولار أسترالي لتحسين تجربة الركاب، شملت:
تحسين الطعام والمشروبات على متن الطائرات.
إضافة خدمات الواي فاي.
إعادة النظر في قرار تقليص عدد دورات المياه مقابل إضافة مقاعد، وهو قرار اعتبرته دليلاً على قربها من العملاء.
أول اختبار حقيقي: أزمة الأمن السيبراني
واجهت هدسون أول اختبار كبير لها هذا الشهر بعد اختراق قاعدة بيانات تضمنت معلومات شخصية لـ6 ملايين عميل. ورغم أنها كانت في عطلة باليونان وتأخرت في الظهور الإعلامي، إلا أن الموقف مرّ دون غضب جماهيري، بعكس ما حدث مع سلفها آلان جويس، الذي تعرض لانتقادات حادة عند غيابه خلال أزمة مشابهة في 2022.
خطة نمو جريئة: مشروع “شروق الشمس”
كشفت هدسون عن خطة ضخمة لتحديث الأسطول بقيمة مليارات الدولارات خلال السنوات الخمس المقبلة، تتضمن شراء 12 طائرة إيرباص A350-1000 ضمن مشروع “شروق الشمس”، الذي يهدف إلى تشغيل أطول رحلات مباشرة في العالم بين الساحل الشرقي لأستراليا ونيويورك/لندن بحلول 2027.
تقول هدسون:
“هذه الطائرات تمثل نمونا المستقبلي… وستساعدنا في تجاوز ‘طغيان المسافات’ الذي يفصل أستراليا عن الأسواق العالمية الكبرى.”
الاحتكار المحلي يعزز المكاسب
أشار الخبير الجوي أندرو تشارلتون إلى أن استعادة كانتاس لعافيتها مدعومة أيضًا بسيطرتها شبه الكاملة على السوق المحلي، خاصة بعد انهيار شركتي Bonza وRex، مما جعل المنافسة تقتصر فقط على فيرجن أستراليا.
وفقًا لهيئة تنظيم السوق الأسترالية:
تمثل “كانتاس” وذراعها الاقتصادي “جيت ستار” 60% من إجمالي الرحلات المحلية.
تستحوذ على 80% من سوق الرحلات التجارية.
اقرأ أيضاً أوكرانيا تؤكد استعدادها لمفاوضات سلام فورية وترامب يتراجع عن فكرة “قصف موسكو”
خاتمة: عودة من بعيد
تُثبت تجربة كانتاس تحت قيادة فانيسا هدسون أن التركيز على التفاصيل، تحسين تجربة العملاء، والتعامل الشفاف مع الأزمات يمكن أن يعيد ثقة السوق والركاب، حتى بعد فترات من التراجع الحاد. والآن، تطمح الشركة ألا تكتفي بالتحليق محليًا، بل تسعى لقيادة المجال عالميًا عبر أطول الرحلات وأكثرها تطورًا.