برشلونة الجديد: الهوية أهم من النجوم
الرهان على الانتماء لا على الأسماء … وصفة استعادة الهوية الكتالونية

بين ماضٍ أسطوري صنعه جيل بيب غوارديولا، وحاضر متقلب يتأرجح بين الأزمات الاقتصادية والتغيّرات الإدارية، يقف برشلونة أمام مفترق طرق.
السؤال المطروح اليوم لم يعد: من هو النجم القادم؟ بل: هل ينجح النادي في إعادة بناء هويته؟
وسط صفقات محتملة مثل نيكو ويليامز، وبروز أسماء واعدة مثل لامين يامال وفيرمين لوبيز، تبرز قضية أكثر جوهرية: برشلونة لا يحتاج نجمًا… بل يحتاج أن يكون برشلونة من جديد.
الهوية الكتالونية… سر النجاح الدائم
منذ عهد يوهان كرويف، لم يكن برشلونة نادٍ يسعى فقط إلى الفوز، بل إلى إقناع العالم بأسلوبه:
-
التمرير القصير
-
الضغط الجماعي
-
التحركات الذكية دون كرة
-
الانتماء لمدرسة “لاماسيا”
هذه ليست شعارات، بل على العكس، هي أسس صنعت فريقًا لا يُقهر في العقد الأول من القرن 21.
في تلك المرحلة، لم يكن ميسي وحده البطل، بل كان ترسًا داخل آلة جماعية متناغمة.
النجم الأوحد لا يصنع فريقًا – دروس من ميسي ونيمار
قد يكون ميسي أعظم لاعب في تاريخ اللعبة، لكنه لم يكن يومًا أكبر من فلسفة برشلونة.
على النقيض، نيمار—برغم موهبته الهائلة—اختار الرحيل لأنه “لا يريد أن يبقى في ظل ميسي”، وهنا تبدأ أزمة تقديس النجوم.
نموذج باريس سان جيرمان صارخ:
-
نجوم بأعلى الرواتب.
-
منظومة مفككة.
-
غياب الهوية الجماعية.
-
إخفاقات أوروبية متكررة.
النجوم قد يلمعون لحظة… لكنهم لا يصنعون مجدًا دائمًا بدون منظومة.
العدالة داخل الفريق… أساس البيئة الصحية
في أي مشروع ناجح، هناك مبدأ لا يُساوَم عليه:
“كل لاعب يُقدَّر بقدر عطائه، لا باسمه أو سعره.”
غياب العدالة يخلق:
-
الغيرة.
-
الانقسام.
-
التوتر داخل غرفة الملابس.
هذا ما ميّز فرقًا مثل تشيلسي في سنواته الذهبية: لا أحد فوق الفريق.
في برشلونة الجديد، يجب أن يكون ذلك واضحًا:
لا مجاملات، لا نجم “مقدّس”، ولا إعلام يصنع لاعبًا على حساب النادي.
بين فليك وبيب… الفكرة واحدة، لكن المعطيات مختلفة
فليك مدرب هجومي وواقعي، لكنه يواجه ما لم يواجهه بيب في 2008:
-
اقتصاد منهك.
-
قوانين اللعب المالي النظيف.
-
قيود من رابطة الليغا.
-
صفقات مؤجلة ومشاريع مؤطرة.
وهنا لا بد أن يبني على ما هو متاح:
هوية – انضباط – شباب لاماسيا – عقلية جماعية.
بذلك، لا يحتاج إلى ملايين… بل إلى رؤية تؤمن بأن القميص أهم من الاسم.
حين لا تكفي الأسماء – دروس من كبار أوروبا
على سبيل المثال:
-
مانشستر سيتي:
وقع في فخ الثقة الزائدة الموسم الماضي، على الرغم من ذلك، خذله هالاند في لحظات الحسم -
ريال مدريد:
انضمام مبابي أثار تساؤلات حول توازن الفريق، خصوصًا مع وجود فينيسيوس وبيلينغهام. -
باريس سان جيرمان:
في الواقع، لم يقترب من دوري الأبطال إلا عندما تخلّص من نيمار–مبابي–ميسي، وراهن على منظومة جماعية متزنة.
الخلاصة:
الأسماء لا تصنع المجد وحدها… المنظومة هي الأساس الحقيقي.
كيف يعود برشلونة إلى القمة؟
-
دعم مشروع فليك طويل الأمد، دون استعجال في النتائج.
-
منح اللاعبين الشبان فرصًا حقيقية في بيئة تنافسية متزنة.
-
الحفاظ على فلسفة لاماسيا، واللعب الجماعي كأساس.
-
محاربة تضخيم النجوم إعلاميًا، وتسليط الضوء على الفريق لا الفرد.
-
بناء بيئة شفافة داخل النادي: من يُبدع يُكافأ، ومن يُقصّر يُحاسب.
بالرغم من ذلك برشلونة لا يحتاج إلى سوبر ستار جديد…
بل إلى مجموعة من اللاعبين يؤمنون بأن القميص أهم من الاسم، وأن الكيان فوق الجميع.
الهوية ليست مجرد فلسفة،
بل سلاح ناعم يعيد برشلونة إلى القمة… تمامًا كما فعل من قبل.