رعب التدخل السياسي: صندوق تقاعد ايطالي صغير يثير جدلاً بسبب رهان ضخم علي ميديوبانكا
حكومه مليوني متهمه بدعم استحواذ عدائي لمصرف تم إنقاذه بأموال دافعي الضرائب

يثير صندوق تقاعد إيطالي خاص موجة من القلق السياسي والمالي بعد ضخ ما يقرب من 70% من استثماراته في الأسهم الأوروبية في شراء حصة بشركة “ميديوبانكا”، في خطوة فُهمت على أنها دعم مباشر لمحاولة استحواذ عدائية تقودها الحكومة من خلال بنك “مونتي دي باشي دي سيينا” (MPS)، المدعوم من الدولة.
رهان محفوف بالمخاطر من صندوق صغير
صندوق “إيناساركو” (Enasarco)، المخصص لوكلاء التجارة الإيطاليين والذي يدير أصولًا بقيمة 9.8 مليار يورو، أصبح فجأة لاعبًا رئيسيًا في عملية الاستحواذ، بعدما كشف تحليل وثائق اطلعت عليها “فايننشال تايمز” أنه اشترى حصة تبلغ 2.52% في “ميديوبانكا”، أي ما يعادل نحو 400 مليون يورو من الأسهم – ما يشكل 67% من الحد المسموح له للاستثمار في الأسهم الأوروبية.
هذه الخطوة وُصفت بأنها رهان “غير تقليدي” وغير متسق مع لوائح المخاطر الداخلية، بحسب مصادر مطلعة على طريقة عمل الصندوق. كما لم يصدر تعليق رسمي من “إيناساركو” على هذه التحركات.
اتهامات بالتدخل الحكومي لصالح كبار المستثمرين
الجدل المتصاعد دفع نواب المعارضة إلى اتهام حكومة جورجيا ميلوني بالسعي لتوجيه صناديق التقاعد لدعم أجندتها في إعادة تشكيل النظام المصرفي الإيطالي، خاصة بعد تكرار ارتباط أسماء مثل عائلة ديل فيكيو ورجل الأعمال فرنشيسكو كالتاجيروني – وهما من أكبر المساهمين في كل من “ميديوبانكا” و”MPS” – بخطط الحكومة.
السيناتور ماريو توركو من حركة “خمس نجوم” قال إن الحكومة “تُقحم أموال دافعي الضرائب وصناديق التقاعد في لعبة قوة لخدمة طموحات مستثمرين بعينهم”.
تحول مثير في قواعد الاستحواذ
خلال الأسبوع الماضي، أعلن بنك “MPS” – الذي تم إنقاذه من الانهيار في 2017 باستخدام أموال الدولة – عن تخفيف شرطه المسبق لإنجاح الصفقة، حيث خفّض الحد الأدنى للموافقة على الاستحواذ من 66.7% إلى 35% فقط من المساهمين، ما يعني أنه يمكنه السيطرة فعليًا على “ميديوبانكا” حتى دون أغلبية رسمية.
ومع امتلاك ديل فيكيو وكالتاجيروني مجتمعين لنحو 28% من أسهم “ميديوبانكا”، فإن الأمر يتطلب فقط جذب 7% إضافية لتمرير الصفقة، وهو ما يجعل حصة “إيناساركو” حاسمة للغاية.
تقاطعات مثيرة بين البنوك وشركات التأمين
اللافت أن “ميديوبانكا” هو أكبر مساهم فردي في شركة التأمين العملاقة “جنرالي”، ما يعني أن السيطرة عليه تعني نفوذًا غير مباشرًا على واحدة من أعمدة القطاع المالي الإيطالي. في المقابل، فإن ديل فيكيو وكالتاجيروني أيضًا من أبرز المساهمين في “جنرالي”، ما يزيد من تعقيد شبكة المصالح والسيطرة.
الخزانة ترد: “لا نتدخل”
في محاولة لنزع فتيل الأزمة، أكد متحدث باسم وزارة الخزانة الإيطالية أن صلاحيات الوزارة تقتصر على التدقيق بعديًّا في حسابات صناديق التقاعد، ولا تشمل – نظريًا – التأثير المباشر على قراراتها الاستثمارية.
لكن مراقبين شككوا في هذا الادعاء، خصوصًا مع الدعم المعلن من الحكومة للاستحواذ، ومع وجود تحركات قانونية وتنظيمية تم التلويح بها لإعادة هيكلة النظام المصرفي الإيطالي.
صناديق تقاعد أخرى في الصورة
جدير بالذكر أن صندوق “إنباب” (Enpam)، أحد أكبر صناديق التقاعد الإيطالية بأصول تصل إلى 26 مليار يورو، يمتلك حصة تقارب 2% في “ميديوبانكا” أيضًا، تعادل نحو 300 مليون يورو. وقد دافع رئيس الصندوق، ألبرتو أوليفيتي، عن القرار، مؤكدًا أن الصندوق يستثمر تاريخيًا في البنوك الإيطالية.
الخطورة: تسييس أموال التقاعد؟
يرى مراقبون أن تضخم دور صناديق التقاعد في صفقات استراتيجية ذات طابع سياسي يحمل مخاطر هائلة، ليس فقط على أموال المتقاعدين، بل على استقرار النظام المالي الإيطالي بأكمله. كما تطرح هذه التطورات أسئلة حساسة عن حدود استقلالية صناديق التقاعد في مواجهة أجندات الدولة الاقتصادية.
اقرأ أيضاً
فاينشال تايمز : أبل تقتحم عالم الفورمولا 1:نجاح فيلم براد بيت يشعل سباق البث مع ESPN