الاقتصاد

ألمانيا وإيطاليا تواجهان ضغوطًا لإعادة 245 مليار دولار من الذهب الأمريكي

تزايد المخاوف الأوروبية من سياسات واشنطن يدفع نحو استعادة احتياطيات الذهب

تواجه حكومتا ألمانيا وإيطاليا ضغوطًا متزايدة لإعادة جزء كبير من احتياطياتهما من الذهب التي تبلغ قيمتها حوالي 245 مليار دولار والمخزنة في الولايات المتحدة، وذلك في ظل تصاعد الشكوك حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وقلق أوروبي من سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة بشأن خفض أسعار الفائدة.

احتياطات ضخمة تحت الحراسة الأمريكية

“ثلث هذه الكميات في نيويورك لدى الاحتياطي الفيدرالي”

تُعد ألمانيا وإيطاليا ثاني وثالث أكبر حائزي احتياطيات الذهب في العالم بعد الولايات المتحدة، حيث تحتفظان بنحو 3,352 و2,452 طنًا من الذهب على التوالي، ويُخزّن أكثر من ثلث هذه الكميات في نيويورك لدى الاحتياطي الفيدرالي، نتيجة اتفاقيات تاريخية تعود إلى نظام “بريتون وودز” بعد الحرب العالمية الثانية.

نداءات سياسية وشعبية لاسترجاع الذهب

لم تعد الدعوات لإعادة الذهب مقتصرة على التيارات المتطرفة، بل تشمل طيفًا سياسيًا واسعًا. ففي ألمانيا، طالب السياسي المحافظ بيتر غاوفايلر بمراجعة جدية لبقاء الذهب في الخارج، معتبراً أن العالم أصبح أقل أمانًا من السابق. كما طالبت جمعية دافعي الضرائب الأوروبية برلين وروما بإعادة الذهب لضمان السيطرة الكاملة عليه. وفي إيطاليا، حذر اقتصاديون من مخاطر بقاء 43% من الذهب في عهدة إدارة أمريكية غير موثوقة.

مواقف حكومية متحفظة وسط الدعوات

حتى الآن، لم تصدر حكومتا البلدين مواقف رسمية واضحة حول نقل الذهب. رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، رغم وعودها السابقة، تلتزم الصمت، ربما حرصًا على علاقات ودية مع واشنطن. وفي ألمانيا، يرى مسؤولون في البنك المركزي أن بقاء الذهب في نيويورك مبرر من ناحية السيولة، مؤكدين على ثقتهم في أمانة الاحتياطي الفيدرالي.

الملكية الفعلية للذهب أهم من القانونية

يرى الخبراء أن السيطرة المادية على الذهب أهم من الملكية القانونية، خاصة في أوقات الأزمات. يستشهدون بتجربة فرنسا في الستينيات حين أعادت معظم ذهبها إلى باريس بعد فقدان الثقة بالنظام المالي الأمريكي. كما تشير ألمانيا إلى حملة “أعيدوا ذهبنا” التي نجحت في إعادة نصف احتياطياتها إلى فرانكفورت بين 2010 و2013.

تراجع الثقة في الزعامة الأمريكية وتداعيات استراتيجية

تعكس هذه التحركات الأوروبية تحولًا عميقًا في ميزان الثقة الاستراتيجية بين أوروبا والولايات المتحدة، حيث لم تعد قضية الذهب مجرد مسألة اقتصادية، بل باتت رمزًا للقلق الأوروبي من تراجع دور واشنطن كضامن للاستقرار المالي العالمي. ويرى مراقبون أن إعادة الذهب قد تُفسر كإشارة إلى تدهور العلاقات عبر الأطلسي، ما يحمل تداعيات على الأسواق والسياسة الدولية.

خلاصة: الذهب في نيويورك قضية سيادة وطنية

“تحول تخزين الذهب في الخارج من ميزة إلى عبء” استراتيجي

في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية المتسارعة، تحول تخزين الذهب في الخارج من ميزة إلى عبء استراتيجي. وتعتمد الخطوات المستقبلية لأوروبا على مدى تفاقم التوترات مع واشنطن واستعدادها لتحدي هيمنة الدولار الأمريكي.

اقرا ايضا:

هل أصبح الذهب باهظ الثمن؟

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى