الإنتاج الصناعي الألماني يتراجع إلى مستويات عام 2005 مع انهيار قطاع السيارات

شهد الاقتصاد الألماني تراجعًا حادًا في الإنتاج الصناعي خلال أغسطس، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2005، مدفوعًا بانهيار غير مسبوق في قطاع السيارات الذي انخفض إنتاجه بنسبة 18.5٪ مقارنة بالشهر السابق.
تراجع واسع يزيد خطر الركود مجددًا
أظهرت بيانات رسمية يوم الأربعاء أن الإنتاج الصناعي الألماني انخفض بنسبة 4.3٪ في أغسطس على أساس شهري، وهو تراجع أسوأ بكثير من توقعات المحللين التي رجّحت انخفاضًا لا يتجاوز 1٪.
وباستثناء فترات الأزمات الكبرى — مثل الأزمة المالية العالمية وجائحة كوفيد-19 — فإن هذه الأرقام تعني أن الإنتاج الصناعي الألماني عند أضعف مستوياته منذ عقدين تقريبًا، أي أقل بنحو 20٪ من ذروته قبل الجائحة.
وقال كارستن بريزسكي، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في بنك ING، إن الإنتاج الصناعي “ينهار بسرعة مقلقة”، مضيفًا أن احتمالات دخول ألمانيا في ركود تقني جديد أصبحت “مرتفعة للغاية”.
قطاع السيارات في قلب العاصفة
يُعد قطاع السيارات، العمود الفقري للصناعة الألمانية، أكثر القطاعات تضررًا. فقد سجلت بيانات المكتب الإحصائي الاتحادي أن تراجع الإنتاج مرتبط جزئيًا بإغلاق المصانع السنوي للعطلات هذا العام وتأخر عمليات التحول في خطوط الإنتاج.
لكن التراجع الأعمق سببه تحديات هيكلية طويلة الأمد — من الانتقال البطيء نحو السيارات الكهربائية إلى تراجع المبيعات في الصين والرسوم الجمركية الأمريكية المتزايدة.
وزادت المخاوف بعد أن أصدرت “بي إم دبليو” تحذيرًا من تراجع الأرباح مساء الثلاثاء، ما اعتُبر إشارة جديدة إلى عمق الأزمة التي تواجه كبرى شركات السيارات الألمانية.
ووفقًا للبيانات، فإن إنتاج السيارات الألمانية (باستثناء فترات الأزمات) هو الآن في أدنى مستوياته منذ عام 2000.
ميرتس في موقف حرج ومحاولات لإنعاش الاقتصاد
تزامن صدور البيانات مع استعداد المستشار الألماني فريدريش ميرتس لعقد اجتماع طارئ يوم الخميس في برلين مع رؤساء شركات السيارات الكبرى لمناقشة مستقبل القطاع.
ورغم وعوده السابقة بإعادة “إنعاش أكبر اقتصاد في منطقة اليورو”، إلا أن النتائج الأخيرة تشير إلى استمرار حالة الركود الصناعي التي تخيم على البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات.
تراجع الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.3٪ في الربع الثاني من العام، ما يعكس أزمة متصاعدة في القطاع الصناعي المعتمد على الصادرات وسط التوترات التجارية العالمية.
وقال الخبير الاقتصادي في كومرتس بنك، رالف سولفين:
“الأرقام الصناعية اليوم تُظهر بوضوح أن الاقتصاد الألماني بالكاد حقق أي نمو في الربع الثالث.”
توقعات حكومية أكثر تفاؤلًا ولكن…
من جانبها، توقعت الحكومة الألمانية أن يبدأ الطلب المحلي في الانتعاش اعتبارًا من العام المقبل، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3٪ في 2026 و1.4٪ في 2027، مقارنة بـ 0.2٪ فقط في 2025.
لكن وزيرة الاقتصاد كاثرينا رايشه حذرت من أن “جزءًا كبيرًا من هذا النمو سيكون مدفوعًا بالإنفاق الحكومي المرتفع”، مشيرة إلى أن فعالية هذا التحفيز تعتمد على سرعة تنفيذ الاستثمارات العامة.
خلاصة
تراجع الإنتاج الصناعي إلى مستويات عام 2005 يمثل تحذيرًا قاسيًا لأكبر اقتصاد أوروبي.
ففي حين تحاول برلين تحفيز النمو عبر الإنفاق العام، تواصل أزمة صناعة السيارات، التي كانت رمز القوة الألمانية، جرّ البلاد نحو ركودٍ جديد قد يمتد حتى العام المقبل