هل يتكرر رهان القرن ؟وارن بافيت يعود إلى دائرة الجدل من جديد
"رهان القرن: وارن بافيت في مواجهة صناديق الملكية الخاصة"

قبل 18 عامًا، أطلق المستثمر الشهير وارن بافيت رهانًا غير تقليدي، تراهن فيه على أن صندوقًا استثماريًا يتتبع مؤشر S&P 500 سيتفوق في الأداء على مجموعة من صناديق التحوط على مدار عقد كامل.
في عام 2017، انتهى الرهان بفوز بافيت — وبفارق كبير. لكن اليوم، يلوح في الأفق رهان جديد قد يكون أكثر تعقيدًا وإثارة: الأسهم العامة مقابل الملكية الخاصة (Private Equity).
الرهان الجديد: السوق العامة في مواجهة السوق الخاصة
صاحب فكرة الرهان الجديد هو المستثمر تيد سيديز، الطرف الذي خسر الرهان الأول أمام بافيت. لكنه يعود اليوم ليقترح مقارنة أكثر إثارة للجدل:
هل يمكن لصناديق الملكية الخاصة (التي تشتري وتدير شركات غير مدرجة في البورصة) أن تتفوق على أداء مؤشر S&P 500 خلال 10 سنوات؟
الفكرة تكتسب أهمية خاصة في ظل التوسع السريع لصناديق الملكية الخاصة في إدارة ثروات الأفراد وتغلغلها في خطط التقاعد وصناديق المعاشات. فالمقارنة هنا ليست نظرية فقط، بل تمس مستقبل مليارات الدولارات من المدخرات.
مبررات الرهان: لماذا قد تتفوق الملكية الخاصة؟
يسرد سيديز خمس مزايا بنيوية لصالح الملكية الخاصة:
الرفع المالي: تستخدم الملكية الخاصة ديونًا أكثر (1.5 ضعف حقوق الملكية مقابل 0.6 فقط في S&P 500)، مما يعزز العائد إذا سار الاستثمار في الاتجاه الصحيح.
حجم الشركات: الشركات التي تشتريها صناديق الملكية الخاصة أصغر حجمًا، والتاريخ يقول إن الشركات الصغيرة تنمو أسرع من الكبيرة (رغم أن هذا لم يعد ساريًا منذ الأزمة المالية العالمية).
التباين في الأداء: صناديق الملكية الخاصة تتفاوت بشكل كبير في أدائها، ما يتيح فرصًا للمستثمرين المحنكين لاختيار الأفضل وتحقيق عوائد أعلى.
الجمود أو عدم السيولة: هذه الخاصية تمنع المستثمرين من اتخاذ قرارات انفعالية بالبيع في الأوقات الحرجة — وهي نقطة ضعف معروفة في سوق الأسهم العامة.
السيطرة: صناديق الملكية الخاصة تتحكم في الشركات التي تستثمر فيها، وتعيد تشكيل الإدارة والحوافز بما يخدم تحقيق الأرباح، على عكس الشركات العامة التي تعاني أحيانًا من ضعف الرقابة والمساءلة.
عائق الرسوم والتكاليف: العقبة الأهم
رغم هذه المزايا، يرى بافيت — وربما معه الكثير من المستثمرين التقليديين — أن الرسوم الباهظة التي تفرضها صناديق الملكية الخاصة (نسب مئوية من رأس المال بالإضافة إلى أرباح الأداء) تلتهم معظم العوائد.
للتغلب على أداء مؤشر S&P 500 بمتوسط عائد سنوي 10%، تحتاج الملكية الخاصة إلى تحقيق عائد إجمالي بنحو 15%، لتعويض الرسوم المرتفعة. وفقًا لحسابات سيديز، يمكن أن تغطي مزايا مثل الرفع المالي وحجم الشركات نحو 80% من الفجوة، لكن ما تبقى يعتمد على براعة مديري الاستثمار في تحقيق نتائج فعلية.
احتمال الفوز؟ أقل من النصف
بعد كل التحليل، يعترف سيديز بأنه لا يزال يقدّر فرصة تفوق الملكية الخاصة بنحو 40% فقط.
وبكلمات أخرى، هناك فرصة أكبر بأن يخسر الرهان مجددًا — لكن الرهان لا يتعلق فقط بالأداء، بل بطرح الأسئلة الصحيحة، وكشف التناقضات، وتحدي المعتقدات السائدة.
هل ترى النور قريبًا؟
سيديز يفكر جديًا في إطلاق نسخة “ظل” من هذا الرهان الجديد بدءًا من يناير المقبل، مع إعلان النتائج كل عام لمدة عشر سنوات، وربما جذب مستثمرين من كلا الطرفين للمشاركة.
وفي حال حصل الرهان على موافقة بافيت — أو خلفائه في بيركشاير هاثاواي — فقد نشهد نسخة جديدة من رهان القرن، لكنها هذه المرة في عالم الملكية الخاصة.