إيطاليا تنضم لطموحات الكبار: هل تصبح ثالث دولة تمتلك حاملة طائرات نووية؟
مشروع "مينيرفا" يعيد رسم استراتيجية البحرية الإيطالية رغم العقبات اللوجستية والمالية

في وقت لا تحتكر فيه حاملة الطائرات النووية سوى قوتين عالميتين – الولايات المتحدة وفرنسا – تبرز إيطاليا كلاعب جديد يطمح إلى كسر هذا الاحتكار. فبعد أن دفعت بحاملتها “كافور” إلى مهمة غير مسبوقة في المحيطين الهندي والهادئ، بدا واضحًا أن روما تسعى لتوسيع رقعة نفوذها البحري، لتصبح شريكًا فاعلًا في موازين القوة البحرية.

“مينيرفا”: رؤية بحرية جريئة لعقود قادمة
كشف الأميرال إنريكو كريدندينو، رئيس أركان البحرية الإيطالية، عن خطة تمتد حتى عام 2040 لتطوير حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية. المشروع يندرج ضمن برنامج وطني تحت اسم “مينيرفا” – المستوحى من إلهة الحكمة والحرب في الأساطير الرومانية – ويتضمن أيضًا تعزيز منظومات الطائرات المسيّرة والقدرات السيبرانية، في تحوّل استراتيجي كامل لمفهوم القوة البحرية الإيطالية.
بين المفهوم والواقع: دراسة جدوى بدأت بالفعل
بحسب مصادر رسمية، أنجزت وزارة الدفاع الإيطالية دراسة جدوى أولية قبل عامين، وتستعد حاليًا للمرحلة التالية: التصميم المفاهيمي. ومن المنتظر أن تُجرى مقارنة تحليلية دقيقة بين قدرات الحاملة النووية المقترحة والنماذج التقليدية، لتحديد القيمة المضافة الفعلية.
طاقة نووية تعني قدرات هجومية غير مسبوقة
لا تنبع رغبة روما في خيار الدفع النووي من اعتبارات رمزية فقط، بل من مميزات عملية تمنحها الأفضلية في مسرح العمليات.
ووفقًا لتقرير مجلة Army Recognition، توفر الطاقة النووية مزايا حيوية، منها:
طاقة كهربائية عالية لتشغيل الأنظمة الكهرومغناطيسية والرادارات المتقدمة
مساحة أكبر على متن الحاملة، بفضل الاستغناء عن خزانات الوقود
إمكانية البقاء في مسرح العمليات لفترات أطول، وزيادة معدلات الطلعات الجوية
كوابح على الأرض: المال والقدرة اللوجستية
رغم طموح المشروع، إلا أن تحديات كبيرة تهدّد مساره:
1. التكلفة: فبناء وصيانة حاملة نووية يتطلب ميزانيات تفوق بكثير النماذج التقليدية، وهو ما دفع بريطانيا سابقًا لاختيار الخيار الأرخص.
2. غياب البنية التحتية المساندة: حتى مع امتلاك حاملة نووية، لا تمتلك البحرية الإيطالية حاليًا أسطولًا متكاملًا من سفن الدعم والتزويد اللازمة لمهام طويلة المدى.
3. الاعتماد على الحلفاء: التجربة السابقة في المحيطين أثبتت أن أي تحرّك بعيد المدى لا يزال مرهونًا بتنسيق لوجستي مع شركاء الناتو، وهو ما يقيد استقلالية القرار العسكري.
التحدي الصيني: هل تُسابق إيطاليا “تايب 004″؟
في خلفية هذا المشروع يلوح ظل الصين، التي تطور حاملة طائرات نووية ضخمة من طراز “تايب 004” قد تنافس قدرات الحاملات الأميركية. وربما تسعى إيطاليا عبر “مينيرفا” إلى الحضور على طاولة الكبار، ليس فقط في المتوسط بل في كل المياه الدولية حيث باتت السيطرة البحرية عنوانًا لصراعات القرن الجديد.
سباق الإرادة والسياسة: هل تتجاوز روما العتبة النووية؟
إيطاليا، بقوتها البحرية التاريخية، أمام اختبار حقيقي: فهل تمتلك الإرادة السياسية والموارد الاقتصادية والتحالفات الضرورية لدفع هذا المشروع إلى التنفيذ؟ أم أن “مينيرفا” سينضم إلى قائمة المشاريع الطموحة التي تعطلت على أعتاب الواقع؟