شخصيات و شركات ملهمة

وداعًا إيلون ماسك: نهاية مأساوية لوعوده وانهيار سمعته أمام العالم

وداعًا إيلون ماسك: نهاية مأساوية لوعوده وانهيار سمعته أمام العالم

من الصعب تصديق أن إيلون ماسك قد ودّع “دوج” – القسم الحكومي الذي أسماه نسبة إلى ميمٍ إنترنتي قديم تجاوزه الزمن منذ أكثر من عقد. كتب ماسك هذا الأسبوع:

“مع انتهاء فترة عملي المجدولة كموظف حكومي خاص، أود أن أشكر الرئيس ترامب على منحي الفرصة لتقليل الإنفاق الحكومي غير الضروري.”

الأحرف الكبيرة من اختياره، بالمناسبة

لكن، هل هذه حقًا “فرصة تستحق الشكر”؟ بدا الأمر وكأن دونالد ترامب قد خفّض أغنى رجل في العالم إلى مجرد متسابق فاشل في برنامج The Apprentice، خرج في الأسبوع الرابع بعد فشله في مهمة بيع الهوت دوغ.

وعود كبيرة… وإنجازات ضئيلة

عند انضمامه للإدارة، وعد ماسك بتقليص الإنفاق الحكومي بمقدار تريليوني دولار. لكن مع مغادرته، ما زال بعيدًا عن هذا الهدف بمقدار 1.86 تريليون دولار، حتى بحسب تقديراته الخاصة. والأسوأ من ذلك، أن مشروع قانون الضرائب الجديد للرئيس أضاف 2.3 تريليون دولار أخرى إلى العجز.

ربما تخيل ماسك أن خروجه سيكون عرضًا دراميًا مذهلًا: “على الرحب والسعة يا واشنطن!” وسط 2000 راقصة تحمل مناشير كهربائية. لكن الحقيقة؟ كانت مجرد تغريدة. نعم – ما زلنا نُطلق عليها “تغريدات”.

تآكل الصورة: من عبقري ملهم إلى كاريكاتير مشوش

المفارقة أن الشيء الوحيد الذي نجح ماسك في تقليصه بفعالية كان سمعته. فقد دخل إلى عالم السياسة كرجل غامض، يُنظر إليه كعبقري تقني وأيقونة العصر، وخرج منه كشخصية غريبة الأطوار، مهووس بالإنجاب، مدّعي البراعة في ألعاب الفيديو، وغير مسؤول عن النجاحات الكبرى التي نُسبت إليه في تسلا وسبيس إكس.

بل وحتى الشائعات الغريبة – مثل زراعة فاشلة لعضو ذكري – بدأت تنتشر، سواء كانت صحيحة أم لا. لكن الأمر المؤكد أن الشكوك بدأت تتزايد حوله.

المستثمرون يتنفسون الصعداء

الخبر الإيجابي الوحيد ربما جاء لمساهمي تسلا. فقد تمكنوا أخيرًا من إنهاء مرحلة “العمل من البيت الأبيض” وبدأوا بمطالبة ماسك بالعودة للعمل الحقيقي – أربعين ساعة أسبوعيًا – لإنقاذ شركة تضررت أسهمها بسبب سلوكياته.

وفي الوقت الذي يحاول فيه العالم إعادة ترتيب أولوياته وسط فوضى السياسة الأمريكية، من الصعب نسيان اللحظة التي حوّل فيها رئيس الولايات المتحدة حديقة البيت الأبيض إلى معرض سيارات لترويج منتجات ماسك. فهل نجح الأمر؟ يبدو لا.

أمضى ماسك الأسبوع الأخير يشتكي من إحراق سيارات تسلا قائلًا: “لماذا يفعلون ذلك؟ هذا غير لائق.”

لكن بعد كل ما حدث، قد لا نحتاج إلى سماع آرائه حول ما هو “لائق” بعد الآن.

تحوّل عكسي نادر: من نجم إلى مثير للشفقة

الثروة والسلطة تمكن بعض الأشخاص من إعادة تقديم أنفسهم كمشاهير “كوول”، سواء في وول ستريت أو هوليوود. رأينا تحوّل جيف بيزوس من موظف ببنطال قماشي إلى شبيه بفين ديزل في نادي بيلدربيرغ.

لكن من النادر أن نرى التحوّل العكسي: رجل ينهار اجتماعيًا أمام أعين الجميع، لحظة بلحظة. وهذا بالضبط ما حدث مع ماسك.

ويجب الاعتراف: لقد كان مشهدًا ترفيهيًا بحق.

إلقاء اللوم على الجمهور

لن يمر وقت طويل قبل أن يلقي ماسك اللوم على الناخبين بدلاً من نفسه. لطالما اعتقد أن الناس لا يفهمون “عبقريته المتعددة الأبعاد”. قبل سنوات، ظهر في برنامج Saturday Night Live، وأخبر لاحقًا في بودكاست كيف رفض فريق البرنامج أفكاره “العبقرية”. منها فكرة أن يُخرج ديكًا صغيرًا من سرواله قائلًا:

“هذه كُتكوتي الصغيرة.”

فكرة رفضت – عن حق – لكنه اعتقد أنه انتقم منهم بحلقة حصدت تقييمًا كارثيًا بلغ 13% على Rotten Tomatoes.

افتخر ماسك قائلًا: “قلت أشياء لم تكن على بطاقات الحوار. خرجت تمامًا عن النص.”تمامًا كما خرج عن الواقع.

الوجهة القادمة: تكساس؟ أم المريخ؟

يُقال إن ماسك الآن بصدد إنشاء مجمع سكني في تكساس لأمهات أطفاله المتعددين. لكن من الناحية النفسية، ربما يكون المريخ هو وجهته الحقيقية.

بعد إذلال بهذا الحجم، لا شيء يعوّض إلا “استعمار كوكب جديد”. فالمريخ – القاحل والخالي من الحياة – قد يكون منصة جديدة لبناء مجد شخصي رمزي.

هناك فقط، يمكن لماسك أن يتوهم أنه “تسلا ماندياس، ملك الملوك”.وربما حينها فقط، حين ننظر إلى أعماله… نشعر باليأس.

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى