الوكالات

أفغانستان ترفض إعادة قاعدة باجرام لواشنطن رغم تهديدات ترامب

اشتعل التوتر مجددًا بين واشنطن وكابول بعد رفض الحكومة الأفغانية إعادة قاعدة باغرام الجوية للولايات المتحدة. تقع باغرام شمال العاصمة كابول، وكانت مركز العمليات العسكرية الأمريكية طوال عقدين من الحرب ضد طالبان. ومع الانسحاب الأمريكي عام 2021، انهارت الحكومة المدعومة من واشنطن بسرعة، وعادت طالبان للسلطة. اليوم، تؤكد كابول تمسكها بسيادتها واستقلال أراضيها ورفض أي تفاوض بشأن قاعدة باغرام، في حين تظل أهمية الموقع الاستراتيجي للقاعدة، قرب الصين، محور نقاشات وتحليلات الخبراء حول إرث الحرب الأمريكية في أفغانستان.

 

طالبان ترفض أي تفاوض بشأن باغرام

 

قال فصيح الدين فطرت، رئيس أركان وزارة الدفاع الأفغانية، إن “بعض الجهات” حاولت فتح قنوات سياسية للتفاوض حول استعادة قاعدة باجرام، لكنه شدد على أن أي اتفاق يتعلق بأراضٍ أفغانية “مستحيل”. وأضاف أن بلاده لا تحتاج القاعدة ولن تقبل المساس بسيادتها. الموقف الرسمي جاء في بيان حكومي أكد أن “استقلال أفغانستان ووحدة أراضيها خط أحمر”. هذا الرفض جاء مباشرة بعد تهديد ترامب عبر منصته “تروث سوشيال” بحدوث “أشياء سيئة” إذا لم تُسلم القاعدة للولايات المتحدة، مما زاد من حدة الأزمة بين الطرفين.

 

ترامب يصعّد من لهجته ضد كابول

 

ترامب، الذي لطالما اعتبر فقدان باجرام خطأ استراتيجيًا، كرر انتقاداته لخسارة القاعدة نظرًا لقربها من الصين، ورأى أنها كانت تمثل ركيزة أساسية للقوة الأمريكية. خلال مؤتمر صحفي في لندن، لمح إلى إمكانية اتخاذ خطوات غير معلنة إذا رفضت كابول إعادة القاعدة. وعندما سأله صحفيون في البيت الأبيض عما إذا كان يخطط لإرسال قوات أمريكية جديدة، اكتفى بالقول: “نحن نتحدث مع أفغانستان، ونريدها بسرعة، وإذا لم يحدث ذلك، سترون ما سأفعل”. هذه التصريحات عززت المخاوف من أزمة دبلوماسية جديدة.

 

إرث القاعدة وماضيها المظلم

 

قاعدة باجرام التي شيّدها السوفييت في خمسينيات القرن الماضي، وتوسعت لاحقًا بدعم أمريكي خلال الحرب الباردة، عاشت أوجها عام 2010 حين تحولت إلى ما يشبه مدينة صغيرة تضم متاجر وسلاسل أمريكية. زارها رؤساء أمريكيون مثل أوباما وترامب، لكنها ارتبطت أيضًا بملفات سوداء؛ فقد وثقت منظمات دولية بينها “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان بحق معتقلين في إطار “الحرب على الإرهاب”. هذه الصورة المزدوجة تجعل من القاعدة رمزًا عسكريًا وإشكاليًا في الوقت ذاته، وتجعل الحديث عن عودتها للولايات المتحدة أكثر تعقيدًا.

http://https://youtu.be/xRJzm5hw3Dshttps://youtu.be/xRJzm5hw3Ds

سيادة أفغانية ومخاوف أمريكية

 

بينما تتمسك طالبان بخطاب السيادة ورفض أي تنازل سياسي، لا يزال ترامب يستخدم ملف باغرام كورقة ضغط في الداخل والخارج. بالنسبة لواشنطن، القاعدة ليست مجرد منشأة عسكرية، بل موقع استراتيجي يعزز نفوذها الإقليمي قرب الصين وآسيا الوسطى. أما لكابول، فهي جزء من معركة الاستقلال وإرث مواجهة الاحتلال. وبين هذه الحسابات المتناقضة، يتضح أن مستقبل باجرام سيظل ورقة نزاع مفتوحة، تكشف عن عمق الجراح التي خلفتها الحرب الأمريكية في أفغانستان وعن استمرار توظيفها سياسيًا حتى بعد سنوات من انتهائها.

اقرأ أيضاً

ترامب يفرض رسوم تأشيرة H-1B جديدة بقيمة 100 ألف دولار سنويًا 

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى