مجازر المساعدات في غزة: جوعي يقتلون تحت أنظار العالم
"جوعى يُقتَلون: مأساة إنسانية في غزة"

في مشهد يختزل الانهيار الإنساني الكامل في قطاع غزة، قُتل ما لا يقل عن 69 فلسطينيًا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، فيما يستمر المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في زيارته لإسرائيل في محاولة لتحريك ملف التهدئة المتعثر. المأساة تتكرر: جموع من المدنيين الذين تجمعوا عند معبر زيكيم بانتظار شاحنات الإغاثة، واجهوا الرصاص بدل الغذاء. التقارير تشير إلى أن مستشفى السرايا الميداني استقبل أكثر من مئة قتيل وجريح، والعدد مرشح للارتفاع. المجاعة تُحكِم قبضتها، والمجتمع الدولي عاجز أو غير راغب في كبح آلة القتل أو كسر الحصار.
إطلاق نار على الجوعى… ومزيد من الضحايا
مع فجر الخميس، سقط 19 قتيلًا إضافيًا عند نقاط توزيع المساعدات في وسط وجنوب غزة، فيما يبدو أنه نمط ممنهج لاستهداف المدنيين أثناء بحثهم عن الغذاء. في ظل هذا الوضع، أصبحت مشاهد الهجوم على شاحنات المساعدات متكررة، مدفوعة باليأس والانهيار الكامل للنظام الاجتماعي في القطاع المحاصر. أكثر من ألف شخص أصيبوا بطلقات نارية أثناء انتظار المساعدات، بحسب إحصاءات جمعتها منظمات إغاثة.
الموت جوعًا: مجاعة حقيقية رغم النفي الإسرائيلي
السلطات الصحية في غزة أعلنت وفاة سبعة أطفال من الجوع يوم الأربعاء وحده، ليرتفع عدد وفيات سوء التغذية إلى 154، في وقت تؤكد فيه منظمات دولية أن القطاع في حالة مجاعة فعلية. ورغم ذلك، تصر إسرائيل على نفي مسؤوليتها أو حتى الاعتراف بوجود مجاعة، متحدية التقارير الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة التي تحذر من انهيار وشيك في الأمن الغذائي.
فوضى المساعدات وغياب الضمانات
النهب العشوائي لشاحنات المساعدات أصبح مشهدًا اعتياديًا، ناتجًا عن انعدام الثقة بأن المساعدات ستتواصل. الأمم المتحدة شددت على أن ضمان تدفق مستمر وكافٍ للإغاثة هو السبيل الوحيد لإنهاء الفوضى. غير أن إسرائيل، التي تتحكم في المعابر، تتعرض لاتهامات متكررة باستخدام الغذاء كسلاح ضغط، وهو ما تنفيه رغم الأدلة الميدانية على العكس.
تحركات أمريكية باهتة وسط غضب دولي متزايد
زيارة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى إسرائيل تأتي في وقت حساس، إذ تشير تقارير إلى مناقشاته مع بنيامين نتنياهو شملت سبل تحريك مفاوضات التهدئة المتعثرة. ويتكوف زار مواقع تابعة لمؤسسة “GHF” الأميركية التي تقدم مساعدات غذائية، والتي ترتبط بشكل وثيق بإدارة ترامب. ورغم أن ترامب أعلن نية بلاده إنشاء نقاط توزيع غذائي جديدة بالتعاون مع إسرائيل، لم تتضح معالم هذه المبادرة ولا مدى جدّيتها أو استقلالها عن الاعتبارات السياسية.
ترامب يدعو للاستسلام… ويُغفل معاناة المدنيين
في منشور له على منصة “تروث سوشال”، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة حماس إلى “الاستسلام وإطلاق سراح الرهائن” باعتبار ذلك “أسرع طريق لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة”. إلا أن هذه الدعوة، التي تُحمّل حماس المسؤولية الكاملة، تتجاهل الأبعاد الأوسع للحصار والتجويع والعنف المستمر بحق المدنيين، كما لم يقدم ترامب أي حلول واضحة لتخفيف المعاناة المتفاقمة.
اعترافات دولية متسارعة بفلسطين… ورسائل غضب لإسرائيل
ردود الفعل الدولية على المجاعة والمجازر كانت أكثر حدة من أي وقت مضى منذ بدء الحرب. كندا أعلنت نيتها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر، بشرط إجراء تغييرات في السلطة الفلسطينية، فيما أيدت دول أوروبية أخرى نفس التوجه في خطوات رمزية تهدف إلى عزل إسرائيل دبلوماسيًا. ألمانيا، رغم تحفظها، حذّرت من أي خطوات إسرائيلية أحادية الجانب في ظل تهديدات ضم جديدة من قبل وزراء يمينيين في حكومة نتنياهو.
تصعيد دبلوماسي وأكاديمي ضد إسرائيل
الاتحاد الأوروبي اقترح تعليق مشاركة إسرائيل في برنامجه البحثي العلمي الأهم ردًا على الأزمة الإنسانية، في خطوة تؤكد اتساع نطاق المقاطعة غير الرسمية ضد تل أبيب. بينما تصر الحكومة الإسرائيلية على اعتبار هذه التحركات “خدمة لأجندة حماس”، يبدو أن خسارة الدعم الدولي تتسارع، خصوصًا في ظل الصور التي تُظهر أطفالًا يحتضرون جوعًا أمام عدسات العالم.
طريق التهدئة مسدود… وإسرائيل تهدد بالتصعيد
المفاوضات بين إسرائيل وحماس، التي جرت بوساطة قطرية في الدوحة، انهارت الأسبوع الماضي بعد انسحاب الوفدين الأمريكي والإسرائيلي. ورغم تبادل الاتهامات بين الجانبين، تلوّح إسرائيل الآن بإعادة فرض الحصار الكامل على المساعدات وتوسيع عملياتها البرية لإجبار حماس على تقديم تنازلات. هذا التهديد يضع ملايين المدنيين في مواجهة مباشرة مع مزيد من القتل والمجاعة.
حصاد الحرب: دمار شامل وقتلى بعشرات الآلاف
منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي قادته حماس وأسفر عن مقتل 1200 شخص في إسرائيل، تجاوز عدد قتلى الحرب في غزة 60 ألفًا، فيما تحوّل القطاع إلى منطقة منكوبة بالكامل. ولا يزال أكثر من 50 رهينة محتجزين لدى حماس، نحو 20 منهم يُعتقد أنهم على قيد الحياة، في ظل انسداد أفق التوصل إلى اتفاق شامل يعيد شيئًا من الإنسانية للمنطقة المنكوبة.