الوكالات

بروكسل تتصدى لتدخل الحكومات في صفقات اندماج البنوك

تحذيرات رسمية لإيطاليا وإسبانيا وسط مساعٍ أوروبية لإحياء عمليات الاندماج المصرفي

في خطوة تصعيدية تعكس نفاد صبرها، وجهت المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع تحذيرين متزامنين لحكومتي إيطاليا وإسبانيا بسبب تدخلهما في صفقات اندماج مصرفية، مؤكدة أن هذه التدخلات تمثل انتهاكًا لقوانين الاتحاد الأوروبي بشأن الاندماجات والاستحواذات.

ويأتي ذلك بينما تسعى بروكسل إلى تعزيز اندماجات البنوك في الاتحاد الأوروبي، في محاولة لتقوية القطاع المالي الأوروبي الذي لا يزال متخلفًا عن نظيره الأمريكي من حيث الحجم والقدرة التنافسية العالمية.

رسالة خاصة إلى حكومة ميلوني: روما “انتهكت” قوانين الاندماج

في بداية الأسبوع، أرسلت المفوضية الأوروبية رسالة سرية إلى حكومة جورجيا ميلوني الإيطالية، أكدت فيها توصلها إلى استنتاج أولي مفاده أن استخدام الحكومة لـ”السلطات الذهبية” في منع عرض بنك يونيكريديت لشراء منافسه بانكو بي بي إم بقيمة 10 مليارات يورو، يُعد مخالفة لقوانين الاتحاد.

ووصفت المفوضية الشروط الخمسة التي فرضتها الحكومة الإيطالية على الصفقة بأنها “غير متوافقة مع القانون الأوروبي”، ومنحت روما مهلة قدرها 20 يوم عمل للرد الرسمي، مطالبة إياها بتبرير موقفها. وردّ مكتب رئيسة الوزراء بأنه سيتعاون “بروح بناءة”، مستندًا إلى حكم سابق من محكمة إدارية إيطالية أيّد التدخل الحكومي على أسس تتعلق بالأمن القومي.

لكن المفوضية شككت في حجة روما بأن الصفقة قد تُهدد “الأمن العام”، مشيرة إلى عدم وجود سوابق من هذا النوع في القطاع المصرفي الأوروبي.

إنذار رسمي لمدريد: راجعوا قراركم وغيروا القانون

وبعد ثلاثة أيام فقط، وجهت المفوضية الأوروبية إنذارًا رسميًا إلى الحكومة الإسبانية بسبب قرارها منع اندماج بنك BBVA مع بنك ساباديل، وطالبتها بإعادة النظر في القرار وتعديل القوانين التي تتيح لمدريد التدخل في صفقات الاندماج المصرفي.

وتعد هذه أول مرة تُصدر فيها المفوضية تحذيرًا بهذا المستوى لإسبانيا، وهو ما يعكس تصاعد التوترات بين بروكسل والعواصم الوطنية حول سياسات الاندماج المصرفي.

الغاية: بناء “إيرباص مصرفي أوروبي”

ترى المفوضية أن أوروبا تحتاج إلى شبكات مصرفية أقل عددًا لكنها أكبر حجمًا وأكثر قدرة على المنافسة عالميًا. وأكد إنريكو ليتا، رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ومعد تقرير بارز حول تكامل السوق الأوروبية، أن على أوروبا أن تتوقف عن فلسفة “الأبطال الوطنيين” وتنتقل إلى مرحلة “الأبطال الأوروبيين”.

وقال ليتا: “نحتاج إلى تحويل هذه الكيانات الوطنية إلى لاعبين أوروبيين حقيقيين، تمامًا كما فعلنا مع إيرباص في قطاع الطيران”.

مقاومة وطنية متصاعدة تهدد التكامل المالي

شهد العام الماضي موجة من محاولات الاندماج بين بنوك أوروبية، لكن معظمها اصطدم بمقاومة شرسة من الحكومات المحلية. فإلى جانب صفقتي يونيكريديت وBBVA، واجهت مساعي يونيكريديت للاستحواذ على بنك كومرتس بنك الألماني عراقيل سياسية من برلين.

وفي هذا السياق، أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن معارضته الصريحة لصفقة اندماج محتملة، محذرًا من أن “الكيان الناتج قد يشكل خطرًا على استقرار السوق المالية”، وأضاف: “هذا نهج غير ودي، لا نقبله ولا ندعمه”.

معركة السيادة الوطنية مقابل السوق الموحدة

ترى بروكسل أن مقاومة الحكومات الوطنية تأتي في إطار مزايدات سياسية وليست مبررة قانونًا، حيث أكد أحد كبار المسؤولين الأوروبيين: “المنافسون الحقيقيون ليسوا داخل الاتحاد الأوروبي بل خارجه. وبالتالي، لا يمكننا أن نسمح للسياسات المحلية بتقويض جهودنا في بناء قطاع مصرفي أوروبي موحد”.

ووفقًا للمفوضية، فإن القواعد واضحة ولا تمنح الحكومات الوطنية الحق القانوني في منع مثل هذه الصفقات لأسباب سياسية.

اقرأ أيضاً:

وزارة النقل: ضبط شخص أتلف جهاز تذاكر آلي وخلع ملابسه بمحطة المترو

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى