أ/ أحمد الصفتي المحامي يكشف تفاصيل حكم المحكمة الدستورية حول قانون الإيجار القديم وتأثيره على السوق العقاري
قانون الإيجار القديم

في خطوة قضائية فارقة، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا تاريخيًا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 136 لسنة 1981، المعروف إعلاميًا بـ“قانون الإيجار القديم”. هذا القرار يُعد نقطة تحول محورية في تاريخ التشريع المصري المتعلق بالعلاقة الإيجارية، حيث وضع حدًا لفكرة تثبيت القيمة الإيجارية للوحدات السكنية المؤجرة، التي ظلت مجمدة لعقود، ولم تعد تتماشى مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة.
الحكم يفتح الباب على مصراعيه أمام إعادة صياغة العلاقة بين المالك والمستأجر، على أسس أكثر توازنًا وعدالة، مستندًا إلى مطالبات طويلة بالإصلاح التشريعي لضمان حقوق الطرفين. كما يمهّد الطريق أمام تعديلات قانونية مرتقبة، تهدف إلى تنظيم سوق الإيجار بعقلانية ومرونة تتوافق مع الواقع الفعلي ومعايير العدالة الاجتماعية. بهذا، يضع القضاء المصري اللبنة الأولى لبناء منظومة إيجارية حديثة، تراعي مصلحة المواطنين وتستند إلى بيانات السوق لا إلى قوانين تجاوزها الزمن.
هذا الحكم يمثل انتصارًا جديدًا لحق المالكين الذين كانوا يعانون من تجميد القيمة الإيجارية لعقود طويلة، بينما يحذر من تحديات قد تواجه المستأجرين في مواجهة زيادات محتملة قد تؤثر على قدرتهم على تحمل الإيجار.
استجابة الحكومة: مشروع قانون شامل لتعديل قانون الإيجار القديم
على خلفية الحكم القضائي، أعدت الحكومة مشروع قانون جديد أُرسل إلى مجلس النواب، يتضمن تعديلات واسعة على قانون الإيجار القديم، تشمل ليس فقط الوحدات السكنية بل أيضًا الأماكن المؤجرة لغير غرض السكن. المشروع جاء ليواكب واقع السوق الحالي ويسعى لتحقيق توازن بين مصالح الملاك والمستأجرين، مع الأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية.
تفاصيل المشروع والقواعد الجديدة للإيجار
-
زيادة القيمة الإيجارية: نص المشروع على أن تصبح القيمة الإيجارية للوحدات السكنية عشرين ضعف القيمة القانونية السارية، مع تحديد حد أدنى 1000 جنيه للوحدات في المدن و500 جنيه للقرى.
-
زيادة الإيجارات لغير السكن: تم رفع القيمة القانونية للأماكن المؤجرة لغير غرض السكن إلى خمسة أضعاف القيمة الحالية، مع زيادات دورية سنوية بنسبة 15%.
-
مدة العقود: وضع حد أقصى لعقود الإيجار القديمة بمدة خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون، بعد انقضاء هذه المدة يصبح للمالك الحق في استرداد الوحدة.
-
آليات الإخلاء: نص القانون على أن يلتزم المستأجرون بالإخلاء عند انتهاء المدة القانونية، مع إمكانية طلب المالك إصدار أمر قضائي للإخلاء في حال الامتناع.
حماية حقوق المستأجرين: أولوية وحدات سكنية من الدولة
في محاولة لتخفيف الأثر الاجتماعي، يمنح المشروع المستأجرين الحاليين أولوية في الحصول على وحدات سكنية أو غير سكنية إيجارًا أو تمليكًا من الوحدات المتاحة لدى الدولة. كما ينص على إنشاء بوابة إلكترونية لتسهيل هذه العملية، مع مراعاة الفئات الأكثر احتياجًا.
إلغاء القوانين القديمة وبدء عهد جديد
ينص المشروع على إلغاء القوانين السابقة المتعلقة بالإيجار القديم (القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981) بعد مرور خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون الجديد. ويهدف ذلك إلى توحيد التشريع وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في إطار حديث وواقعي.
نقاشات مجلس النواب.. تحديات في طريق الإصلاح
بدأت جلسات الحوار المجتمعي في مجلس النواب منذ 5 مايو 2025 وستستمر حتى 19 مايو، لمناقشة مشروع القانون بين النواب وممثلي الجهات المعنية والمجتمع المدني. المفاوضات تتسم بالتعقيد نظرًا لحساسية الموضوع وتأثيره المباشر على ملايين المصريين.
يراقب الجميع بترقب بالغ هذه المناقشات التي قد تحدد مصير العلاقة الإيجارية في مصر خلال السنوات القادمة. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء الفصل التشريعي الحالي، فقد تنتقل القضية إلى السلطة القضائية للفصل فيها.
تعقيب حول المشروع: هل تجاوز حدود حكم المحكمة الدستورية؟
من الجدير بالذكر أن المشروع تجاوز في بعض بنوده حدود حكم المحكمة الدستورية، مثل توسيع نطاق تطبيقه ليشمل الوحدات غير السكنية، وإدخال مدة زمنية لإنهاء العقود، وهو ما يفتح باب النقاش حول مدى توافق القانون الجديد مع روح الحكم القضائي.