فايننشال تايمز: كيف أصبح جينسن هوانغ المروّج العالمي للذكاء الاصطناعي

في أقل من ثلاث سنوات، تحوّل جينسن هوانغ، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، من شخصية تقنية بعيدة عن السياسة إلى نجم دبلوماسية الرقائق، يقدّم نفسه كـ”بائع عالمي” للذكاء الاصطناعي، جامعًا بين استعراض مسرحي على طريقة أوبرا وينفري، وشبكة علاقات مباشرة مع قادة دول وحكومات.
استعراض القوة في لندن
بعد حضوره مأدبة رسمية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملك تشارلز في قلعة وندسور منتصف سبتمبر، أقام هوانغ عرضًا في لندن أعلن فيه استثمار 2 مليار جنيه إسترليني في شركات ناشئة بريطانية في مجال الذكاء الاصطناعي.
تلقّى ثمانية مؤسسين دعمًا مباشرًا أمام الجمهور، في مشهد وصفه بعض الحاضرين بأنه “غير مسبوق”، لكنه مثّل المدخل لتفاهم جديد بين لندن وواشنطن حول تعزيز موقع بريطانيا كـ”قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي”.
إستراتيجية “السيادة في الذكاء الاصطناعي”
يقدّم هوانغ خطته للدول تحت شعار “الذكاء الاصطناعي السيادي”، داعيًا الحكومات إلى بناء أنظمتها الخاصة وعدم الاكتفاء بما تنتجه شركات التكنولوجيا الكبرى.
لكن هذه السيادة مشروطة — إذ تعتمد على رقائق إنفيديا وأموالها. هذا التناقض دفع بعض المستثمرين لاعتبار رسالته مزدوجة: “لا تكن تابعًا في الذكاء الاصطناعي… إلا أنك مضطر لاستخدام رقائقي”.
من وادي السيليكون إلى عواصم العالم
في عام واحد فقط، التقى هوانغ علنًا بما لا يقل عن 12 رئيس دولة أو حكومة.
تفاوضت إنفيديا على أكثر من 20 مشروعًا “سياديًا” للذكاء الاصطناعي في أوروبا، آسيا، والشرق الأوسط.
في لندن، كشف عن خطة لتحقيق إيرادات 20 مليار دولار من هذا القطاع في 2025 — ضعف ما حققته الشركة في 2024.
الخليج.. مختبر الذكاء الاصطناعي الضخم
خلال جولة له مع ترامب في مايو، روّج هوانغ لمشاريع ضخمة في الخليج، أبرزها مركز بيانات “Stargate” في الإمارات، الذي سيتطلب قدرة كهربائية تعادل استهلاك مدينة نيويورك كاملة.
بفضل فوائض الطاقة والسيولة المالية، تسعى الإمارات والسعودية لأن تصبحا مراكز إقليمية للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، رغم افتقارهما لصناعة رقائق محلية.
أوروبا بين الطموح والتبعية
في المقابل، تحاول أوروبا تقليل اعتمادها على شركات الحوسبة السحابية الأمريكية. مبادرات مثل DARE تهدف إلى تطوير معجّلات رقائق أوروبية خلال ثلاث سنوات.
لكن المحللين يرون أن بناء منظومة متكاملة كتلك الموجودة في الصين يتطلب “شجاعة ورأس مال وصبرًا” يفتقر إليه صناع القرار الأوروبيون حاليًا.
الخلاصة
بينما يروّج هوانغ لمفهوم “الذكاء الاصطناعي السيادي”، يرسّخ في الوقت نفسه هيمنة إنفيديا كالمورد الحتمي للعالم.
المفارقة أن الدعوة إلى الاستقلالية الوطنية في الذكاء الاصطناعي قد تجعل الدول أكثر اعتمادًا على منتجاته. وكما قال ترامب إلى جانبه: “أنت تستولي على العالم يا جينسن… نأمل أن تكون على صواب.”