الوكالات

إيران تحت ضغط جديد.. انقسام دولي يعيد شبح العقوبات النووية

شهدت أروقة الأمم المتحدة جلسة مشحونة، حيث فشل مجلس الأمن الدولي في تمرير قرار كان سيحول دون إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، وسط انقسام واضح بين القوى الكبرى. يأتي هذا التطور في لحظة حساسة من الصراع حول البرنامج النووي الإيراني، ويعكس التوترات المتصاعدة بين الدول الغربية من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى. ومع اقتراب موعد تفعيل آلية “السناب باك”، تزداد المخاوف من تداعيات سياسية واقتصادية قد تؤثر على الأمن الإقليمي والاستقرار العالمي، في وقت لا تزال المنطقة تعاني من آثار حروب وصراعات ممتدة.

 

تصويت منقسم داخل المجلس

 

فشل مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة في تمرير قرار تقدمت به كوريا الجنوبية، كان من شأنه منع إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. لم يحصد القرار سوى دعم أربع دول فقط هي: الصين، روسيا، باكستان والجزائر، بينما امتنعت عدة دول عن التصويت، ولم يحصل على الأغلبية اللازمة داخل المجلس. هذا الانقسام يعكس استمرار التباين الحاد في المواقف بين القوى الكبرى حول كيفية التعامل مع إيران، ومدى التزامها بالاتفاق النووي الموقع عام 2015، الذي ظل موضع خلاف سياسي ودبلوماسي واسع.

 

آلية “السناب باك” تعيد العقوبات

 

بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، تمت صياغة آلية خاصة تعرف باسم “السناب باك“، تسمح لأي دولة مشاركة بإعادة فرض العقوبات بشكل تلقائي إذا رأت أن إيران لم تفِ بالتزاماتها. ووفق هذه الآلية، من المنتظر أن تعود جميع العقوبات السابقة بحلول نهاية الشهر الجاري، وتشمل حظر السلاح، تجميد الأصول المالية، وقيود السفر على مسؤولين إيرانيين. هذه الخطوة تمثل ضربة قاسية للاقتصاد الإيراني، وتعيد البلاد إلى مربع الضغوط الدولية، بعد سنوات من محاولات الالتفاف على العقوبات عبر صفقات واتفاقيات محدودة مع بعض الأطراف.

 

الدور الأوروبي في التصعيد

 

لم يقتصر الموقف على الولايات المتحدة، إذ تحركت فرنسا وألمانيا وبريطانيا الشهر الماضي لتفعيل آلية “السناب باك” ردًا على رفض طهران التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم إعلان إيران لاحقًا استعدادها لاستئناف التعاون، إلا أن الوكالة اشتكت من استمرار عجزها عن تنفيذ أنشطتها الرقابية كاملة داخل الأراضي الإيرانية. هذا التوتر بين العواصم الأوروبية وطهران يكشف عن أزمة ثقة عميقة، إذ ترى أوروبا أن إيران تناور وتماطل، بينما تصر الأخيرة على أنها ملتزمة بالاتفاق. النتيجة هي تعقيد إضافي للمشهد وزيادة احتمالات التصعيد السياسي.

 

ردود الفعل الدولية المتباينة

 

ردود الفعل على عودة العقوبات جاءت متباينة، حيث أكدت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، أن لندن لا تزال ملتزمة بالمسار الدبلوماسي، وأعربت عن استعدادها لمواصلة المحادثات لحل الخلافات. في المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن إعادة فرض العقوبات “خطوة غير قانونية ولا أساس لها”، مشددة على أن طهران لم تغلق باب التفاوض يومًا. أما روسيا والصين، فقد أكدتا دعمهما لموقف إيران، واعتبرتا أن العقوبات لا تسهم في الاستقرار، بل تزيد من تعقيد الأزمة وتعميق الانقسام داخل المجتمع الدولي.

 

السياق الأوسع للأزمة

 

تتزامن هذه التطورات مع استمرار تعافي إيران من تبعات الحرب الأخيرة مع إسرائيل التي استمرت 12 يومًا، والتي وصفتها تل أبيب بأنها “ضربة استباقية” ضد برنامج طهران النووي. غير أن إيران تؤكد أن برنامجها موجه لأغراض سلمية بحتة، وأنها لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي. في هذا السياق، تبدو عودة العقوبات خطوة تعيد فتح ملف حساس يهدد أمن المنطقة برمتها، ويضع إيران مجددًا في مواجهة مباشرة مع الغرب، بينما لا تزال القوى الكبرى تبحث عن مخرج دبلوماسي يوازن بين الردع والحفاظ على الاستقرار.

اقرأ أيضاً

الاتحاد الأوروبي يرفع مستوى العقوبات ضد روسيا

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى