عربي وعالمي

رصاص تحذيري في جنين يثير أزمة دبلوماسية ويكشف تصاعد التوتر السياسي

وفد دبلوماسي يتعرض لإطلاق نار إسرائيلي خلال زيارة ميدانية لمخيم جنين

 

في حادثة غير مسبوقة تعكس تصاعد التوتر في الضفة الغربية، تعرّض وفد دبلوماسي يضم 25 سفيرًا وممثلًا دبلوماسيًا من 31 دولة لإطلاق نار تحذيري من قبل الجيش الإسرائيلي خلال زيارة ميدانية إلى مخيم جنين شمالي الضفة. الزيارة انتهت بمشهد فوضوي، إذ اضطر الحضور للفرار بحثًا عن مأوى بعدما سُمع دوي الطلقات في المنطقة.

زيارة إنسانية إلى مدينة منكوبة

نُظّمت الزيارة بمبادرة من السلطة الفلسطينية، بهدف تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية الصعبة في جنين، خاصة بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة التي شُنّت مطلع العام الجاري. تلك العملية أسفرت عن دمار هائل ونزوح آلاف المدنيين، ما دفع السلطة إلى دعوة وفود أجنبية للاطلاع على حجم الكارثة ميدانيًا.

لحظات رعب موثّقة بالكاميرا

كان الوفد، الذي ضم دبلوماسيين من دول مثل إيطاليا وكندا ومصر والأردن وبريطانيا، يجري مقابلات مع الصحفيين عندما دوّت الطلقات، مما دفع الجميع للارتماء أرضًا قبل الهروب. ووثّقت تسجيلات مصورة لحظة الذعر التي أصابت أعضاء الوفد، وانتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل.

رواية الجيش الإسرائيلي

في تعليق رسمي، قال الجيش الإسرائيلي إن الزيارة كانت مصرحًا بها، إلا أن الوفد “انحرف عن المسار المحدد”، ما استدعى إطلاق رصاصات تحذيرية لإبعاده عن “منطقة محظورة أمنيًا”. وأضاف الجيش أنه يأسف لما حدث، مؤكداً فتح تحقيق داخلي سيتم اطلاع الجهات الدبلوماسية على نتائجه.

تصعيد دبلوماسي واستدعاء سفراء

الحادثة أثارت موجة ردود فعل دبلوماسية حادة، إذ استدعت بريطانيا وفرنسا والسويد والنرويج وعدد من الدول الأوروبية سفراء إسرائيل المعتمدين لديها، مطالبةً بتوضيحات عاجلة. واعتبرت تلك الدول أن ما حدث أمر “غير مقبول” ويمثل مؤشرًا خطيرًا على تدهور الوضع الأمني في الأراضي الفلسطينية.

تصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل

يأتي الحادث وسط تصاعد حدة الانتقادات الدولية للسياسات الإسرائيلية، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة. فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 82 فلسطينيًا خلال الساعات الأخيرة، بينهم نساء وأطفال، من ضمنهم رضيع لم يتجاوز عمره أسبوعًا، نتيجة القصف المتواصل.

أزمة إنسانية خانقة في غزة

ورغم السماح بمرور بعض شاحنات الإغاثة تحت ضغوط دولية، إلا أن منظمات الإغاثة أكدت أن المعونات لم تصل إلى مستحقيها بسبب انهيار البنية التحتية ونقص الوقود، بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المعقدة التي تشمل تفريغ الشاحنات وفحصها قبل السماح بدخولها.

تحركات سياسية أوروبية جديدة

سياسيًا، أعلنت بريطانيا تعليق مفاوضاتها مع إسرائيل بشأن اتفاق للتجارة الحرة، فيما أشارت فرنسا وكندا إلى إمكانية اتخاذ “إجراءات ملموسة” إذا لم يُرفع الحصار ولم يتوقف القصف. كما بدأ الاتحاد الأوروبي مراجعة شاملة لعلاقاته مع إسرائيل بموجب بند “احترام حقوق الإنسان” في اتفاق الشراكة.

رد نتنياهو: “أكاذيب تشوّه صورة إسرائيل”

من جهته، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سياسة حكومته، متهمًا خصومه بنشر “روايات دعائية كاذبة”، قائلاً إن “جنودنا يقاتلون الإرهاب، بينما يسعى البعض لتشويه صورة إسرائيل بالأكاذيب”.

محادثات التهدئة في مأزق

رغم استمرار الوساطة القطرية، فإن محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة لم تحرز تقدمًا يُذكر، بعد سحب إسرائيل لمعظم وفدها التفاوضي، والإبقاء فقط على ممثلين من المستوى الفني، مما يعكس حالة الجمود في المسار الدبلوماسي.

أزمة متعددة الأبعاد

تُظهر هذه التطورات أن الأزمة الفلسطينية تمر بمرحلة دقيقة وغير مسبوقة من التعقيد، تتشابك فيها الأبعاد العسكرية مع الضغوط السياسية الدولية والانقسامات الداخلية في إسرائيل، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمآلات الأوضاع في المدى القريب.

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى