أوكرانيا تكشف نسخة مطوّرة من «Sea Baby» بمدى 1,500 كلم وحمولة كبيرة

أعلنت الخدمة الأمنية الأوكرانية “SBU”عن كشف نسخة محسّنة من المنصة البحرية المسيّرة “Sea Baby“، في خطوة تعتبرها كييف نقلة نوعية في قدراتها البحرية غير المتماثلة. بحسب الإعلان الرسمي، ارتفع المدى التشغيلي من نحو ألف كيلومتر إلى حوالي ألف وخمسمائة كيلومتر، بينما ازدادت قدرة الحمولة لتصل إلى ألفَي كيلوغرام، مما يتيح حمل ذخائر ومعدات أكثر ثقلًا واستمرارًا في العمليات. النسخة المحسنة عرضت في تجربة ميدانية أظهرت نماذج مزودة بقاعدات إطلاق صواريخ متعددة وأبراج رشاشات، إلى جانب قدرات لإطلاق طائرات هجومية جوية صغيرة. كما أكدت SBU دمج أنظمة ذكاء اصطناعي للتعرف على الصديق والعدو ودعم الاستهداف، وتفعيل آليات تدمير ذاتي متعددة الطبقات لحماية التكنولوجيا من السقوط بأيدي العدو. بحسب الجهات العسكرية، هذا التحول يحوّل المنصة من منصة أحادية الاستخدام إلى منصة قابلة لإعادة التشغيل ومتعددة المهام، ما يزيد من مرونة التكتيكات الأوكرانية في البحر الأسود. في المدى القريب.
قدرات تسليحية وحماية تقنية
أظهرت المشاهد خلال العرض الميداني تعدد نسخ المنصة، بينها متغيرات مسلّحة مزودة بقاعد قاذف صواريخ متعدد وأبراج رشاشات، إلى جانب حواضن لإطلاق طائرات هجومية جوية صغيرة قادرة على مهام دقيقة. قالت SBU إن التصميم يسمح بتركيب حمولات مختلفة حسب المهمة، من ذخائر مدمرة إلى معدات استطلاع وإلكترونيات حرب إلكترونية. تُعد القدرة على حمل ما يصل إلى ألفي كيلوغرام تغييرًا جوهريًا في معايير الأداء مقارنة بالإصدارات الأولى، إذ تفتح المجال أمام مهام لوجستية ودعم ساحلي مكثف. وقد أُرفق العرض بأنظمة تدمير ذاتي متعددة الطبقات لتفادي استغلال القطع المصابة أو الناجية من القصف. وتضمنت التجربة إجراءات لحماية الاتصالات والبرمجيات من الاختراق. فعّالة
الذكاء الاصطناعي والدقة في الاستهداف
أبرزت تصريحات قيادات SBU أن النسخة المُحسّنة تتضمن دمجًا لأنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة تساعد في التمييز بين الصديق والعدو وتحسين دقة الاستهداف الآلي، مع قدرات تعلم مستمر تعتمد على بيانات الميدان. تعمل الخوارزميات على تحليل صور الاستشعار والمعلومات الاستخباراتية لاقتراح مسارات هجوم أمثل وتقليل الأخطاء في التحديد، فيما تبقى القدرة على التدخل البشري متاحة للتحكّم النهائي. هذا المزيج بين التشغيل الآلي والإشراف البشري يقلّص زمن اتخاذ القرار التكتيكي ويزيد من سرعة تنفيذ الضربات الدقيقة في ظروف ميدانية معقدة. كما طُوِّرت أنظمة للتعامل مع التشويش والإعاقة الإلكترونية بهدف الحفاظ على استمرارية الأداء في بيئات معادية، مع طبقات تحقق ومراجعة للقرارات الآلية.
الأثر الميداني على انتشار القوات
رأت SBU أن هذه المنصات أسهمت سابقًا في ضربات أثّرت على انتشار الوحدات البحرية الروسية، حيث أُبلغ عن استهداف حوالي أحد عشر سفينة روسية شملت فرقاطات وقطع صواريخ، مما أجبر جزءًا من الحركة البحرية الروسية على إعادة تموضع قاعدتها الرئيسية. تقول السلطات إن استخدام منصات مسيّرة بحرية يُقلّص قدرة السفن الكبيرة على التحرك بحرية ويزيد من كلفة الاستمرار في تواجدها داخل نطاقات مدى هذه المنصات. ويُنظر إلى توسيع المدى والحمولة الآن كعاملين قد يغيران ديناميكيات الانتشار والردع في البحر الأسود بمرور الوقت. كما أدت هذه التطورات إلى إجراءات دفاعية روسية مضادة تضمنت تعزيز الحماية الساحلية وتعديل مسارات الدوريات. مستمرة
التشغيل والتمويل الميداني
أوضحت SBU أن تشغيل المنصات يتم عن بُعد من مراكز قيادة متنقلة داخل عربات ميدانية مجهزة بشاشات وتحكّمات متقدمة، حيث يُدير المشغّلون المهمات ويتلقون البيانات الحية من المنصات المنتشرة في البحر. وأفادت المصادر بأن جزءًا من تمويل البرنامج جاء عبر تبرعات عامة من منظمات ومبادرات شعبية منسقة مع الدولة، ما ساهم في تسريع الإنتاج والتطوير بعيدًا عن آليات التمويل التقليدية. يجمع نموذج التمويل والتشغيل هذا بين مرونة القطاع المدني وسرعة القرار الحكومي، ما يسهل نشر نسخ متعددة بسرعة نسبية. كما يحتفظ المشروع بسرية جزئية حول سلاسل التوريد والمصادر التقنية لتقليل مخاطر الاستهداف الاستخباراتي وضمان استمرارية التوريد والتطوير على نحو ممنهج.
تداعيات ملاحية وإقليمية
مع الإعلان عن النسخة المحسنة، توقع محلّلون اتخاذ إجراءات مضادة من جانب الخصم، تشمل تطوير نظم دفاع ساحلي محسّنة، وتعزيز إجراءات الحماية الإلكترونية، واستخدام طائرات مضادة لمنع التحليق فوق مناطق حساسة. كما يمكن أن تشهد قواعد الأعمال التجارية البحريّة وطرق الملاحة إشكالات لوجستية تتطلّب إعادة تقييم مسارات الشحن والتأمين البحري، خصوصًا في المناطق القريبة من ساحل النزاع. يبقى محور السباق التقني ومدى قدرة الأطراف على الابتكار والإصلاح مستمرًا، بينما ستحدد قدرة المراقبة الدولية والتوثيق الشفّاف مدى وضوح أثر هذه الأنظمة على الأمن الإقليمي. قد تؤدي هذه التطورات إلى تعديل قواعد الاشتباك البحرية وإعادة صياغة معايير الأمن البحري الإقليمي بشكل ملموس.
آفاق الحرب البحرية المقبلة
تظهر هذه التطورات كيف تمكّن الابتكارات المسلّحة غير التقليدية من تغيير ميزان القوى البحرية بطرق قد لا تكون مكشوفة بالكامل أمام المراقبة الدولية، مما يفرض ضغوطًا على آليات ضبط التسلّح والإجراءات القانونية في المناطق المتأزِّمة. يعتمد مستقبل تأثير هذه الأنظمة على سرعة نشرها، جودة التدريب والقيادة، ومدى تطور الإجراءات المضادة من الطرف المقابل. وبينما تسعى أوكرانيا لتعزيز خياراتها التكتيكية عبر منصات قابلة لإعادة التشغيل، يبقى التوازن بين الفعالية الميدانية والضوابط الأخلاقية والقانونية محورًا للنقاش الدولي المتزايد حول استخدام تقنيات مسيّرة في النزاعات. كما سيحدد ذلك دور المؤسسات الإقليمية في صياغة استجابة موحّدة لحماية الملاحة التجارية وتقليل مخاطر التصعيد المباشرة المستقبلي.



