عربي وعالمي

عام على تولي ستارمر: أين الرؤيه؟

عام على تولي ستارمر: أزمة رؤية وغياب مشروع وطني

 

بعد مرور عام على فوز حزب العمال الساحق في انتخابات يوليو 2024، يجد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر نفسه على رأس حكومة تفتقر للرؤية وتغرق في الأزمات السياسية. لم يكن الأسبوع الأخير سوى تتويج لعام حافل بالإرباك، أبرزها التمرد النيابي على مشروع قانون الرعاية الاجتماعية، ما كشف حجم الاحتقان داخل الحزب وعدم كفاءة الإدارة المركزية له.

 

تمرد الرعاية الاجتماعية: القشة التي قصمت ظهر الحكومة

قانون الرعاية الاجتماعية الذي انقلب عليه عدد كبير من نواب الحزب لم يكن مفاجئًا، بل جاء امتدادًا لسلسلة من الأخطاء التي سبقت. فالحكومة لم تُحسن التعامل مع معضلة التوازن بين دعم الفقراء وتهدئة مخاوف الطبقة الوسطى. والنتيجة؟ مشروع قانون هش، وحزب موحّد فقط في حالة من الإحباط الجماعي.

 

خسائر شعبية متسارعة بلا استراتيجية بديلة

السؤال الذي يطرحه الجميع اليوم هو: كيف خسر ستارمر هذا الزخم الشعبي بهذه السرعة؟ في استطلاعات الرأي الأخيرة، تراجع حزب العمال إلى 23% فقط، فيما اختفى ثلث ناخبيه منذ انتخابات 2024. كانت تلك الانتخابات “أغلبية بلا حب”، ويبدو أنها اليوم تتحول إلى أغلبية “غير مرغوب فيها”.

لا أعذار رغم الظروف الصعبة

نعم، يواجه ستارمر تحديات هائلة: حرب في أوروبا، انتفاضة ترامب في أمريكا، أزمة اقتصادية عالمية. لكن هذه التحديات لا تعفيه من المسؤولية. فالحقيقة أن الحزب فاز بـ34% فقط من الأصوات، ما يعادل دعم أقل من 10 ملايين ناخب، أي 20% فقط من السكان. هذه لم تكن تفويضًا كاسحًا بقدر ما كانت فرصة لإعادة بناء الثقة – وهي فرصة أُهدرت حتى الآن.

 

قادة سابقون تعثروا ثم نهضوا… لكن بشروط

صحيح أن رؤساء وزراء سابقين تعرّضوا لهزّات في بداياتهم – مثل ثاتشر وبلير – لكنهم استطاعوا تجاوزها لأنهم كانوا يملكون “مشروعًا واضحًا”. ثاتشر أرادت تقليص دور الدولة، وبلير سعى لتحديث الاقتصاد ومكانة بريطانيا. أما ستارمر؟ فلا يزال يفتقر إلى سردية واضحة لما يريد أن تكون عليه بريطانيا.

 

أزمة غياب المشروع: ما الفكرة التي يقود بها البلاد؟

في غياب “فكرة كبرى لبريطانيا”، يبدو ستارمر كقائد سفينة وسط عاصفة، يواصل الإبحار بلا شرح أو وجهة واضحة، بينما يتذمر الركّاب ويشك الطاقم في قدراته. حتى المقربين منه يشيرون إلى اعترافه بأخطاء كثيرة، لكن دون وضوح في الرؤية أو استبصار بالتاريخ أو فهم عميق للناس.

 

ثقة الجمهور على المحك: هل فات الأوان؟

لا تزال الفرصة قائمة، لكن الوقت يداهمه. إن لم ينجح ستارمر في طرح فكرة جامعة عن هوية بريطانيا ومصيرها، فلن يخسر فقط دعم الشعب، بل سيخسر حزبه أيضًا. ما يحتاجه الآن ليس مجرد تعديل قوانين أو ضبط الأداء الإعلامي، بل قصة وطنية ملهمة تعيد ربط العمال بالناس وتمنح البريطانيين شيئًا يؤمنون به من جديد.

أقرأ أيضا

قاده الغرب يطالبون والدبلوماسية..لكنهم لايملكون الشجاعه لوقف الحرب او حتي تسميه أسبابها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى