قاعدة الحرس الجوي بولاية يوتا تفكك وحدة المراقبة لصالح الحرب السيبرانية

تشهد القوات الجوية الأمريكية تحولًا استراتيجيًا لافتًا مع بداية مرحلة جديدة في استعداداتها العسكرية، حيث أعلنت عن إعادة هيكلة واسعة داخل قاعدة الحرس الوطني الجوي بولاية يوتا. فبينما تستعد القاعدة لاستقبال سربين جديدين متخصصين في العمليات السيبرانية، سيتم في المقابل إلغاء السرب 109 للمراقبة الجوية التكتيكية، وهو أحد الوحدات التي لعبت دورًا محوريًا خلال عقدين من الحروب في العراق وأفغانستان. هذا القرار يعكس تحوّلًا عميقًا في عقيدة البنتاغون، إذ بات التركيز منصبًا على التحديات المستقبلية في الفضاء السيبراني، خاصة في ظل تصاعد التهديدات القادمة من الصين وروسيا.
إعادة توزيع المهام العسكرية
أعلنت القوات الجوية الأمريكية اختيار قاعدة رولاند رايت الجوية كموقع رئيسي لاستضافة السربين الجديدين للعمليات السيبرانية، في خطوة تعكس بوضوح نهاية مرحلة “الحرب على الإرهاب”. وأكدت أن السرب 109، المعروف بوحدة المراقبة الجوية التكتيكية، سيتم تفكيكه رسميًا ضمن خطة ميزانية الدفاع لعام 2025، والتي تنص على تقليص وحدات المراقبة التكتيكية بنسبة تصل إلى النصف. هذه التغييرات تندرج ضمن سياسة أشمل لإعادة توزيع المهام بما يتماشى مع أولويات الدفاع المستقبلية.
إرث السرب 109 في المعارك
على مدار عقدين من الزمن، مثّل السرب 109 رمزًا للوجود الأمريكي في ساحات القتال بالعراق وأفغانستان. فقد اشتهر أفراده، المعروفون بقدراتهم الميدانية المتقدمة، بمرافقة القوات البرية ووحدات العمليات الخاصة لتنسيق الضربات الجوية بدقة عالية. في عام 2023، بلغ عدد أفراد وحدات TACP نحو 3700 عنصر، لكن مع بدء التحولات الاستراتيجية، قررت القوات الجوية خفض هذه القوات بنسبة 44% بحلول 2025. هذا التقليص يعكس تراجع دورها في النزاعات التقليدية، مقابل صعود مجالات أخرى أكثر أهمية.
التحول نحو الفضاء السيبراني
أعلنت قيادة الحرس الوطني بولاية يوتا في يوليو 2024 أن السرب 109، المعروف بلقب “وارلوكس”، سيشهد تحولًا جذريًا عبر إعادة توجيه مهامه نحو الحرب السيبرانية. المسؤولون العسكريون أكدوا أن القدرات الإلكترونية باتت اليوم جزءًا أساسيًا من المعركة الحديثة، خصوصًا مع تسارع سباق التسلح الرقمي بين الولايات المتحدة وخصومها الاستراتيجيين مثل الصين وروسيا. وتتماشى هذه الخطوة مع الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي شددت على تعزيز القدرات في ميدان الفضاء السيبراني كجزء من أولويات الأمن القومي.
“الفضاء السيبراني هو مستقبل الحرب”
في تصريح سابق، قال المقدم جوشوا مكارتي، قائد السرب 109، إن العالم يعيش بالفعل مرحلة تحول كبرى نحو معارك إلكترونية ستشكل قلب النزاعات المستقبلية. وأضاف: “علينا أن نكون مستعدين لمواجهة التحديات القادمة، ليس فقط في الجو، بل أيضًا في الفضاء السيبراني الذي بات ساحة صراع حقيقية.” هذا التصريح يلخص بوضوح إدراك البنتاغون أن معركة الغد لن تُحسم فقط بالصواريخ والطائرات، بل أيضًا عبر الشيفرات والهجمات الإلكترونية.